كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)

-294 -
ومنها دعاء حذيفة وشداد بن أوس رضي الله عنهما
-----
وإني لا أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب على إنك أنت التواب الرحيم (عن الحجاج بن فرافصة) حدثني رجل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، بيدك الخير كله، إليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره فأهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي جميع ما مضى منن ذنبي واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني قال سمعت رسول الله (ص يقول إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلبن سليما، وأسألك لسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأستغفرك لما
__________
وابن السني) وصححه الحاكم، وتعقيبه الذهبي فقال أبو بكر ضعيف فأين الصحة، وأبو بكر الذي أشار إليه الذهبي ابن أبي مريم المذكور في سند الحديث، وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وأحد أسانيدى الطبراني رجاله وثقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا الحجاج بن فرافضة الخ (غريبة) أي مباركا متقبلا يعني أن الثناء والدعاء الذي سمعته ليس من بشر، بل من ملك أرسله الله إليك ليعلمك تحميد ربك، وفي هذا منقبة جليلة لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا روح قال ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال كان شداد بن أوس رضي الله عنه في سفر فنزل منزلا فقال لغلامه ائتنا بالسفرة نعبث بها: فأنكرت عليه: فقال ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا كلمتي هذه فلا تحفظوها على واحفظوا متى ما أقول لكم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه إذا حرص الناس طلاب الدنيا على حفظ الذهب والفضة لرفع قيمتها ولكونهما من أعظم متع الدنياـ، فاحرصوا انتم على حفظ هذه الكلمات فإنها أرفع قيمة من الذهب والفضة ومن أعظم متاع الآخرة مع ملاحظة أن متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى الثبات في الأمر الدوام على الدين والاستقامة بدليل ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم ثبت قلي على دينك أراد الثبات عند الاحتضار أو السؤال بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان دفن الميت قال (سلوا له التثبت فإنه الآن يسئل) ولا مانع من إرادة الكل (والعزيمة) عقد القلب على إمضاء الأمر (والرشد) حسن التصرف في الأمر بما يرضي الله عز وجل أي مخلصا خاليا من العقائد الفاسدة والميل إلى الرياء واللذات والشهوات أي ما تعلمه أنت ولا أعلمه أنا، وهذا سؤال جامع للاستعاذة من كل شر وطلب كل خير: وختم هذا الدعاء الذي هو من جوامع الكلم بالاستغفار الذي عليه بقوله (وأستغفرك لما تعلم) أي أطلب منك أن

الصفحة 294