كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)

-303
التعوذ من البرص والجنون والجذام ومن الشقاء وشماتة الأعداء
-----
عند الموت أو أن أموت لديغا (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من هؤلاء الثلاثة درك الشقاء وشماتة الأعداء وسوء القضاء قال سفيان زدت أنا واحدة
__________
غمه الشيء غما من باب قتل غطاء، ومنه قيل للحزن غم لأنه يغطى السرور والحلم وهو غمه أي حيرة ولبس (والهم) هو الحزن الذي يذيب الإنسان، يقال أهمني المرض بمعنى إذا بنى وهو أقصى درجات الغم والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ منهما خشية اشتغال صاحبها عن الاستعداد للموت للموت كالنطق بالشهادتين والوصية ونحو ذلك والله أعلم (والغرق) بفتحات مصدر غرق من باب تعب: وجاء غارق وغريق أي مات غريقا، استعاذ منه صلى الله عليه وسلم مع ما فيه من قبل الشهادة لأنه يعد فجأة: وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من موت الفجأة لأنه لا يمكنه توبة ولا وصية أي يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي عند الموت بنزغاته التي تزل بها الأقدام، وكل هذا تعليم للأمة فإنه صلى الله عليه وسلم معافى من هذه الأمور فعيل بمعنى مفعول: واللدغ بدال مهملة وغين معجمه يستعمل في ذوات السم كحية وعقرب: وبذال معجمه وعين مهملة يستعمل في الإحراق بنار كالكي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه إبراهيم بن إسحاق ولم أجد من وثقه، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) قال الحافظ في التقريب إبراهيم بن إسحاق صدوق يغرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وحسن بن موسى قالا ثنا حماد ثنا قتادة عن أنس الخ (غريبة) البرص بفتحتين علة تحدث في الأعضاء بياضا رديئا (والجنون) زوال العقل (والجذام) علة تسقط الشعر وتفتت اللحم وتجري الصديد مننه يعني الأمراض الفاحشة الرديئة المؤدية إلى فرار الحبيب وقلة الأنيس لكونها معدية أو منفرة، ولم يستعذ صلى الله عليه وسلم من سائر الأسقام لأن منها ما إذا تحامل الإنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته كحمى وصداع ورمد ونحو ذلك، واعلم أن الأمراض المنفرة لا تجوز على الأنبياء، بل يشترط في النبي سلامته من كل منفر وإنما ذكرها تعليما للأمة كيف تدعو (تخريجه) (د نس) وسنده صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح الراء وسكونها (والشقاء) بفتح المعجمة بمعنى الشقاوة نقيض السعادة: ودرك الشقاء اسم من الإدراك لما يلحق الإنسان من تبعه الشقاوة (قال الحافظ) هو الهلاك، وقيل هو واحد درجات جهنم، ومعناه من موضع أهل الشقاوة وهي جهنم أو من موضع يحصل لنا فيه شقاوة هي فرح العدو بلبية تنزل بمن بعاديه (وسوء القضاء) المراد به المقضى لأن قضاء الله كله حسن لا سوء فيه، وهذا عام في أمر الدارين أي ما ينشأ عنه سوء في الدين والدنيا والبدن والمال والخاتمة أو للشك من سفيان أحد رجال السند يشك هل قال سوء القضاء أو جهد القضاء: والظاهر أن سفيان كان يجمع بينهما في الذكر احتياطاً

الصفحة 303