كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)
-305 -
التعوذ من الشرك الأكبر والأصغر- ومن الطمع
-----
وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال قولوا اللهم أنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع يهدي إلى غير مطمع ومن طمع حيث لا مطمع (عن فروة بن نوفل) قال سألت عائشة رضي الله عنها قلت أخبريني بشيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به (وفي لفظ عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم) لعلي أدعو الله به فينفعني الله به: قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول، اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل (وفي لفظ قالت كان يقول اللهم إني أعوذ بك من شر
__________
تعالى، والثاني أصغر وهو الرياء، والظاهر أن المراد هنا الثاني لأنه صلى الله عليه وسلم يخاطب الصحابة وهم مؤمنون بالله عز وجل، ولكنه خشي عليهم الرياء فحذرهم منه لخفائه على كثير من الناس وأمرهم بالتعوذ منه، وقد يراد التعوذ من الشرك الأصغر والأكبر معا أي شركا أصغر أو أكبر وهما الكفر أو الرياء كما تقدم أي نطلب منك المغفرة لما لا نعلم من الذنوب التي صدرت منا جهلا (تخريجه) (طب عل) باسناد جيد إلا أن أبا يعلى قال فيه كل يوم ثلاث مرات فينبغي العمل بذلك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل الخ (غريبة) الطمع بالتحريك الحرص الشديد، وقوله يهدي بفتح أوله أي يدل ويقرب أو يجر إلى طبع بالتحريك أيضا، وهو بالباء الموحدة بدل الميم في سابقه: ومعناه العيب وأصله الدنس ولو معنويا كالعيب والعار، وأصله من صيغ العموم: والمعنى تعوذوا بالله من طمع يسوقكم إلى شين في الدين وإزدراء بالمروءة: واحذروا التهافت على جمع الحطام وتجنبوا الحرص والتكالب على الدنيا أي إلى تأميل ما يبعد حصوله والتعلق به أي ومن طمع في شيء حيث لا مطمع فيه بالكلية لتعذره حسا أو شرعا، وهذه الثالثة أحط مراتب الزيادة في مطمع وأقبحها، فإن حيث من صيغ العموم في الأحوال والأمكنة والأزمنة، وقال يحيى بن كثير لا يعجبك حلم امريء حتى يغضب ولا أمانته حتى يطمع (تخريجه) (طب ك) وقال الحاكم مستقيم الإسناد وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه (طب بز) وأحمد وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين قال ثنا شيبان عن منصور عن هلال بن يساف عن فروة بن نوفل الخ (غريبة) بتقديم الميم على اللام من العمل أي من شر يحتاج إلى العفو بتقديم الميم على اللام أيضا أي بأن ما ينسب إليه إفتراءا ولم يعلمه، وقد استعاذ (في بعض الروايات وتقدمت) من شر الأمور التي يعلمها ومن شر الأمور التي لا يعلمها: وهذا تعليم لأمته ليقتدوا به: وإلا فجميع ألعماله صلى الله عليه وسلم سابقها ولا حقها كلها خير لا شر فيها
الصفحة 305
315