كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)

-69 -
الرخصة في الفرار من الزحف لمصلحة واستحباب الإقامة بوضع النصر ثلاثا
-----
فحاص الناس حيصة وكنت فيمن حاص، فقلنا كيف نصنع وقد فردنا من الزحف وبنا بالغضب، ثم قلنا لو دخلنا المدينة فبتنا، ثم قلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا، فأتيناه قبل صلاة الغداة فخرج فقال من القوم؟ قال فقلنا نحن الفرارون، قال لا بل أنتم العكارون: أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين (وفي لفظ أنا فئة كل مسلم) قال فأتيناه حتى قبلنا يده (باب استحباب الإقامة بموضع النصر ثلاثا) (عن أبي طلحة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قاتل قوما فهزمهم أقام بالعرصة ثلاثا وفي لفظ لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بدر أقام بالعرصة ثلاثا (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غلب قوما أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثا (وفي لفظ ثلاث ليال) (أبواب قسم الغنائم والفيء) (باب حل الغنيمة من خصوصياته صلى الله عليه وسلم وأمته وذكر أحكام تتعلق بالغنيمة قبل قسمتها) (في حديث جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال
__________
عن عبد الله بن عمر الخ (غريبة) أي جال الناس جولة يطلبون الفرار من العدو، والمحيص الهرب: يقال حاص الرجل إذا حاد عن طريقه أو انصرف عن جهته إلى جهة أخرى، والظاهر أن ابن عمرو ومن معه لم يقصدوا الفرار نهائيا بل اتقاءا لفتك العدو بهم قم يعودون: ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لهم (بل أنتم العكارون) قال الخطابي يريد أنتم العائدون إلى القتال والعاطفون عليه: يقال عكرت على الشيء (بفتح الكاف) إذا عطفت عليه وانصرفت إليه بعد الذهاب عنه أي ملجؤهم وناصرهم يمهد بذلك عذرهم وهو تأويل قوله تعالى (أو متحيزا إلى فئة) والله أعلم فيه جواز تقبيل يد الفاضل الذي ترجى بركته (تخريجه) (فع د مذ جه) وحسنه الترمذي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة الخ (غريبة) العرصة بفتح المهملة وسكون الراء بعدها صاد مهملة مفتوحة وهي البقعة الواسعة بغير بناء من دار أو غيرها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن معاذ قال ثنا سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة الخ قيل الحكمة في ذلك إظهار تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام وقلة الاحتفال بالعدو: وكأنه يقول من كانت فيه قوة منكم فليرجع إلينا (تخريجه) (ق د مذ) الغنائم جمع غنيمة وهو ما أصيب من أموال أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب، والفيء هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولإجهاد، واصل الفيء الرجوع، يقال فاء يفيء فيئه كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم (باب) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول باب اشتراط دخول الوقت للتيمم في الجزء الثاني، وإنما ذكرت منه هنا ما يناسب الترجمة وهو قوله (وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي) ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم أحل له التصرف في الغنيمة وقسمتها بمعرفة بخلاف الأمم فإنهم كانوا على

الصفحة 69