كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)
-73 -
سبب نزول قوله تعالى (يسألونك عن الأنفال- الآية)
-----
(عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون فأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض: قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به فنزلت (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على فواق بين المسلمين، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم
__________
كما فسره الراوي والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم سوى بينهم في القسمة ولم يخص أحدا بشيء دون الآخر (تخريجه) رواه محمد بن إسحاق في سيرته، وزاد فكان ذلك تقوى الله وطاعته ورسوله وصلاح ذات البين يريد قوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن عياش ابن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) أي يجمعونه، فقوله بعده ويجمعونه عطف مرادف بكسر الغين المعجمة أي غفلة (قوله وفاء الناس الخ) أي رجعوا بضم الفاء وفتحها أي قسمها بسرعة في قدر فواق ناقة، والفواق ما بين حلبتي الناقة، وقيل أراد التفضيل في الغنيمة كأنه جعل بعضهم أفوق من بعض على قدر غنائمهم وبلائهم، قال القرطبي رحمه الله وكان هذا قبل أن ينزل (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن الله خمسة) الآية يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أغار على العدو وانفردت سرية من جملة الجيش بالإيقاع بطائفة من العدو: فما غنموا كان لهم فيه الربع بعد إخراج الخمس، ويشركهم سائر المعسكر في ثلاثة أرباعه معناه أنهم إذا قفلوا من الغزوة راجعين فارتد جماعة منهم إلى العدو فأوقعوا به كان لهم مما غنموا الثلث، وإنما كان لهم الثلث في هذه المرة لما لحقهم من الكلال والتعب كما يستفاد من لفظ الحديث (وقوله وكان يكره الأنفال) أي التطلع إليها والاستئثار بها، والأفضل أن يرد قوى المؤمنين أي الذي له نفل على الضعيف يعني الذي لا نفل له (تخريجه) (مذ جه حب) وقال الترمذي هذا حديث صحيح اهـ (قلت) وأورده الهيثمي وقال رجال أحمد ثقات (قلت) ورواه أيضا الحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي