كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)
-82 -
من قتل قتيلا فله سلبه مهما عظم السلب
-----
المجن حتى بسطه على الأرض ثم وقد عليه حتى جف فجعل له ممسكا كهيئة الترس فقضي أن لقينا عدونا فيهم أخلاط من الروم والعرب من قضاعة فقاتلونا قتالا شديدا: وفي القوم رجل من الروم على فرس له أشقر وسرج مذهب ومنطقه ملطخة ذهبا وسيف مثل فجعل يحمل على القوم ويغرى بهم فلم يزل ذلك المددى يحتال لذلك الرومي حتى مر به فاستقفاه فضرب عرقوب فرسه بالسيف فوقع، ثم أتبعه ضربا بالسيف حتى قتله، فلما فتح الله الفتح أقبل يسأل للسلب وقد شهد له الناس بأنه قاتله فأعطاه خالد بعض سلبه وأمسك سائره، فلما رجع إلى رحل عوف ذكره فقال أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال بلى،، قال فما يمنعك أن تدفع إليه سلب قتيله؟ قال خالد استكثرته له، قال عوف لئن رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأذكرن ذلك له، فلما قدم المدينة بعثه عوف فاستعدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا خالدا وعوف قاعدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنعك يا خالد أن تدفع إلى هذا سلب قتيله؟ قال استكثرته له يا رسول الله، فقال ادفعه إليه: قال فمر بعوف فجر عوف بردائه وقال هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال لا تعطه يا خالد، هل أنتم
__________
منسوب إليه اهـ بكسر الميم وفتح الجيم وهو الفرس الذي ينقى به المحارب: والميم فيه زائدة لأنه من الجنة بضم الجيم أي السترة لأنه يوارى حامله أي يستره، والمعنى أن هذا الحميري لم يكن معه سلاح سوى السيف فاحتال حتى عمل لنفسه مجنا من جلد البعير يتقى به ضربات العدو أي مقبضا والمقبض وزان مسجد وفتح الباء لغة هو حيث يقبض باليد (قوله فقضى) بضم القاف مبني للمفعول أي قضى الله عز وجل الشقرة من الألوان حمرة تعلوا بياضا في الأسنان، وحمرة صافية في الخيل قاله ابن فارس المنطقة بكسر الميم ما يسميه الناس حياصة، والمنطق بدون هاء هو ما يشد به الوسط فوق الثياب يغري بالغين المعجمة مبني للمجهول من الإغراء أي يولع بهم أي تتبع أثره أي ذكر لعوف ما حصل بينه وبين خالدا لم يعطه السلب جميعه أي اشتكى خالدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه النصرة، يقال استعديت الأمير على الظالم طلبت منه النصرة فأعداني عليه أي أعانني ونصرني يعني مر خالد بعوف كما صرح بذلك في رواية مسلم فجر عوف برداء خالد وقال هل أنجزت لك الخ يريد التعريض بخالد والتهكم عليه أي أغضبه كلام عوف فقال لا تعطه يا خالد: وهذا الحديث قد يتشكل من حيث أن القاتل قد استحق السلب فكيف يمنعه إياه؟ وأجاب النووي رحمه الله عن ذلك بوجهين (أحدهما) لعله أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنما أخره تعزيزا له ولعرف بن مالك لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد رضي الله عنه وانتهاكا حرمة الوالي ومن والاه (الوجه الثاني) لعله استقطاب قلب صاحبه فتركه صاحبه باختياره وجعله للمسلمين، وكان المقصود بذلك استطابة قلب خالد رضي الله عنه للمصلحة