كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)
-91 -
تحريم الغلول وقصة نبي من الأنبياء في ذلك
-----
وهو يريد أن يبني بها ولم يبن، ولا أحد قد بنا بنيانا ولما يرفع سقفها، ولا أحد قد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها فغزا فدنا من القرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك: فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعم، فقال فيكم غلول فليبا من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول فلتبا يعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، قال فلصق يد رجلين أو ثلاثة بيده فقال فيكم الغلول، أنتم غللتم، فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا: ذلك لأن الله عز وجل رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا (وعنه أيضا) قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم الألفين يجيء أحدكم
__________
والمعنى أنه ملك بالعقد عليها وينتظر الدخول يعني أنه أتم البنيان وينتظر رفع السقف بكسر اللام جمع خلفه بكسر اللام أيضا وهي الحامل من الإبل بكسر الواو أي وضع حملها وإنما لم يقبل معه هؤلاء لأن الجهاد منآهم الأمور التي لا يزاولها إلا فارغ البال، وهؤلاء مشغولون بما يضعف عزمهم ويفوت كمال بذل وسعهم فيه معناه أنها مأمورة بالسير وهو مأمور بفتح القرية في بقية هذا اليوم فلو بقيت على سيرها لم يتسع الوقت لفتح القرية: لذلك دعا الله عز وجل أن يحبسها فاستجاب الله دعاءه وحبسها قال النووي رحمه الله هذه كانت عادة الأنبياء عليهم السلام في الغنائم أن يجمعوها فتجيء نار من السماء فتأكلها فيكون ذلك علامة لقبولها وعدم الغلول، فلما جاءت في هذه المرة وأبت أن تأكلها علم أن قسم غلولا، فلما ردوه جاءت فأكلتها، وكذلك كان أمر قربانهم إذا تقبل جاءت نار من السماء فأكلته يعني على وجه الأرض معناه انه صلى الله عليه وسلم لما قام بالدعوة لم يتبعه أولا إلا فقراء الناس ومن لا جاه لهم، فأحل لهم الغنائم ليتقوا بها على أعدائهم الذين أكثر منهم عددا وعدة، وقد تم لهم ذلك فقويت شوكة الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا وبقى هذا الحكم إلى يوم القيامة فضلا من الله عز وجل ورحمة بهذه الأمة فله الحمد والمنة (تخريجه) (م) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أبو حيان عن أبي زرعة بن عمرو بن جبير عن أبي هريرة الخ (غريبة) هكذا بالأصل ألفين بلام القسم وضم الهمزة وكسر الفاء أي لأجدن، وجاء عند الشيخين (لا ألفين) بلفظ النفي المؤكد، قال الحافظ والمراد به النهي، قال وكذا عند الحموي والمستملي، لكن روى بفتح الهمزة والقاف من اللقا وكذا لبعض رواه مسلم والمعنى قريب، قال ومنهم من حذف الألف على أن على أن اللام للقسم وفي توجيه تكلف، والمعروف أنه بلفظ النفي المراد به النهي وهو وان كان من نهي المرء نفسه فليس المراد ظاهره، وإنما المراد من يخاطبه عن ذلك وهو أبلغ اهـ قال النووي وعناه لا تعملوا عملا أجدكم