كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 15)

-[منقبة لسعيد بن زيد وقصة المرأة التي أخذت شاة وطبختها بغير إذن أهلها]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ (وفى لفظ من سرق) شبراً من الأرض بغير حقه طُوّفه من سبع أرضين، ومن تولى قوماً بغير إذنهم (1) فعليه لعنة الله، ومن اقتطع مال أخيه بيمينه فلا بارك الله له فيه (باب من أخذ شاة فذبحها وشواها أو طبخها بغير إذن أهلها) * (عن عاصم ابن كليب) (2) عن أبيه أن رجلاً من الأنصار أخبره قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما رجعنا لقينا داعى امرأة من قريش فقال يا رسول الله إن فلانة تدعوك ومن معك إلى طعام فانصرف فانصرفنا معه فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم (3) ثم جيء بالطعام فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ووضع القوم أيديهم ففطن له القوم (4) وهو يلوك لقمة لا يجيزها (5) فرفعوا أيديهم وغفلوا عنا ثم ذكروا فأخذوا بأيدينا فجعل الرجل يضرب اللقمة بيده حتى تسقط ثم أمسكوا بأيدينا (6) ينظرون ما ينصع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها فألقاها فقال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها: فقامت المرأة فقالت يا رسول الله إنه كان في نفسى أن أجمعك ومن معك على طعام
__________
سعيد بن زيد إلى مروان بن أحكم وكان إذ ذاك واليا على المدينة كما في بعض الروايات وكان عنده أبو سلمة وآخرون فقال لهم مروان انطلقوا فأصلحوا بين هذين , وقد جاء ما يؤيد هذا التأويل في صحيح مسلم من حديث هشام بن عروة عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم فقال سعيدا ما كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين: فقال له مروان فما لك بينة بعد هذا (ولمسلم أيضا) وفي رواية أخرى من طريق عمرو بن محمد أن أباه حدثه عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن أروى خاصمته في بعض داره فقال دعوها وإياها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه في سبع أرضين يوم القيامة , اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها واجعل قبرها في دارها , قال فرأيتها عمياء تلتمس الجُدر تقول أصابتني دعوة سعيد بن زيد فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار فوقعت فيها فكانت قبرها (1) أي انتسب إليهم كذبا بقرابة أو مصاهرة أو مخالفة أو عتق أو نحو ذلك لكونهم من ذوي الجاه والشرف واليسار ليعتز بهم في الدنيا (وقوله بغير إذنهم) لا مفهوم له وإنما ذكر تأكيدا للتحريم (فعليه لعنة الله) دعاء عليه بالطرد من رحمة الله عز وجل , وهو إخبار بأنه استحق ذلك بفعله هذا {تخريجه} (ق حب ك هق) {باب} (2) {سنده} حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن زائدة عن عاصم بن كليب الخ {غريبه} (3) معناه أن الصحابي راوي الحديث كان إذ ذاك غلاما وكان معه غلامان مثله مع أبائهم إلى هذا الطعام وجلسوا بين أيديهم , ولهذا قال فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم (4) يعني الكبار من الصحابة , وعند أبي داود فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه , أي يمضغها , واللوك إدارة الشيء في الفم (5) أي لا يمكنه ابتلاعها (6) معناه أن الصحابة رضي الله عنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدر على ابتلاعها رفعوا أيديهم عن الطعام وغفلوا عن منع الغلمان عنه , ثم تذكروا ذلك فأمسكوا بأيديهم وجعل الرجل منهم يضرب اللقمة التي بيد الغلام حتى تسقط

الصفحة 146