كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 15)
-[حديث ذي الجوشن الضبابى - وكلام العلماء فى الجمع بين أحاديث قبول هدية الكفار]-
عن مصارعهم ببدر؟ قال قلت بلغنى أن تغلب على مكة وتقطنها، قال لعلك ان عشت أن ترى ذلك، قال ثم يا بلال خذ حقيبة (1) الرجل فزوده من العجوة، فلما أن أدبرت قال أما إنه من خير بنى عامر، قال فو الله انى لبأهلى بالغور (2) إذ أقبل راكب فقلت من أين؟ قال من مكة، فقلت ما فعل الناس؟ قال قد غلب عليها محمد، قال قلت هبلتنى (3) أمى فو الله لو أسلم يومئذ ثم أسأله الحيرة لأقطعينيها (4) (باب استحباب تقسيم الهدية فى الأهل والأصحاب ومن حضر) (عن المسور بن مخرمة) (5) قال أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية (6) مزررة بالذهب فقسمها فى أصحابه: فقال مخرمة يا مسور اذهب بنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه قد ذكر لى أنه قسم أقبية فانطلقنا فقال ادخل فادعه لى، قال فدخلت فدعوته اليه فخرج الىّ ودليله قباء منها، قال خبأت لك هذا يا مخرمة: فال فنظر اليه فقال رضى (7) وأعطاه اياه (عن أنس بن مالك) (8) قال أهدى
__________
أي استخفوا بك وكدبوك (1) هى الوعاء الذى يجمع الرجل فيه زاده وله معان اخرى (2) بالغين المعجمة قال الأزهرى الغور تهامة وما يلى اليمن، وقال الأصمعى ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة (3) يقال هبلته أمه بكسر الموحدة تهبله بفتحها هبلًا بالتحريك أى فقدته (4) معناه انه لو اسلم بعد فراغ النبى صلى الله عليه وسلم من اهل بدر ثم طلب من النبى صلى الله عليه وسلم ان يعطيه الحيره (بكسر الحاء المهملة) البلد القديم يظهر الكوفه ومحله معروفة بنيسا بور على تقدير انه صلى الله عليه وسلم يملكها لأعط إياها، وذلك مبالغة فى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان شديد الرغبة فى إسلامه إذ ذاك ولكنه تأخر إسلامه الى ما بعد الفتح كما يستفاد من السياق (تخريجه) (د) مختصرًا الى قوله فلا حاجة لى فيه وسنده جيد، هذا وجاء فى مسند الامام أحمد عقب هذا الحديث ما نصه، حدّثنا ابو بكر بن ابى شيبة والحكم من موسى قال ثنا عيسى بن يونس عن ابيه عن جده عن ذى الجوشن عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه قال (يعنى الامام احمد من طريق آخر) ثنا محمد بن عباد قال ثنا سيف عن ابى اسحاق عن ذى الجوشن ابى شمر الضبابى نحو هذا الحديث قال سفيان فكان ابن ذى الجوشن جارًا لأبى اسحاق لا اراه الا سمعه منه اهـ (قلت) ليس لذى الجوشن فى المسند إلا هذا الحديث واحاديث هذا الباب تدل على عدم قبول الهدية من المشركين، واحاديث الباب الذى قبله تدل على جواز القبول، وقد جمع بعض العلماء بأن الامتناع فى حق من يريد بهديته التودد والموالاة، والتودد وموالاة الكفار كلاهما ممنوع، قال تعالى {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادّون من حادّ الله ورسوله الآية} وقال عز من قائل {ومن يتولهم منكم فانه منهم} والقبول فى حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الاسلام، وقيل غير ذلك وما ذكرناه اقوى والله اعلم. (باب) (5) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا ليث حدثنى عبيد الله بن أبى مليكة عن المسور بن مخرمة الخ (قلت) مسور بوزن منبر ومخرمة بوزن مرحمة والده (غريبه) (6) جمع قباء بفتح القاف وبالموحدة ممدودة فارسى معرب، وقيل عربى واشتقاقه من القبو، وهو الضم، وجاء فى بعض الروايات (فروج حرير) بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة، قال القرطبى القباء والفروج كلاهما ثوب ضيق الكمين والوسط، مشقوق من خلف، يلبس فى السفر والحرب لأنه أعون على الحركة (7) لفظ البخارى (فقال رصى مخرمة) جزم الداودى أن قوله (رضى مخرمة) من كلام النبى صلى الله عليه وسلم على جهة الاستفهام أى هل رضيت، وقال ابن التين يحتمل أن يكون من قول مخرمة، قال الحافظ وهو المتبادر للذهن والله اعلم (تخريجه) (ق. والثلاثة). (8) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا سفيان يعنى ابن حسين