كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 17)
-[كلام العلماء في المصافحة والمعانقة وشد الرحال إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم]-
وضحك في وجهي وقال تدري لم فعلت هذا بك؟ قال قلت لا أدري ولكن لا أراك فعلته إلا لخير، قال إنه لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل بي مثل الذي فعلت بك، فسألني فقلت مثل الذي قلت لي، فقال ما من مسلمين (1) يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذه إلا لله عز وجل (2) لا يتفرقان حتى يغفر لهما
58 (عن عبد الله بن محمد بن عَقيل) (3) أنه سمع جابر بن عبد الله يقول بلغني حديث عن رجل (4) سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرًا ثم شددت عليه رحلي فسرت إليه شهرًا حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنَيْس، فقلت للبواب قل له جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت نعم، فخرج بطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته، قلت حديث بلغني عنك فذكر الحديث (5)
__________
ابن نمير أنا مالك عن أبي داود إلخ (غريبه) (1) أي ذكرين أو أنثيين (2) أي لا يحمله على ذلك إلا الحب في الله عز وجل لا الرياء لكونه غنيًّا أو صاحب جاه (تخريجه) أخرج المرفوع منه (دمذجه) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء، ويروى هذا الحديث من غير وجه عن البراء اهـ (قلت) كلهم رووه مختصرًا من طريق أبي إسحاق عدا الإمام أحمد فإنه رواه مطولاً بهذه القصة، وكذلك الطبراني، وفي إسناده من لم أعرفه ويؤيده ما قبله (وعن عطاء بن عبد الله الخراساني) أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء (لك) وفي هذه الأحاديث مشروعية المصافحة (قال ابن بطال) المصافحة حسنة عند عامة العلماء وقد استحبها مالك بعد كراهته (وقال النووي) المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي، وقال في الأذكار اعلم أن المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه ولكن لا بأس به فإن أصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرطوا فيها في كثير من الأحوال لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها، نقل ذلك عنه ولي الله الدهلوي في كتابه المسوَّى في أحاديث الموطأ ثم قال (أقول) وهكذا ينبغي أن يقال في المصافحة يوم العيد × (قال الحافظ) ويستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون ثنا همام بن يحيى ثنا القاسم بن عبد الواحد المكي ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل إلخ (غريبه) (4) هو عبد الله بن أنيس الصحابي كما سيأتي (5) الحديث له بقية طويلة وسيأتي بطوله وتخريجه في باب ما جاء في القصاص من أبواب ذكر يوم الحساب في كتاب قيام الساعة وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لقوله (فاعتنقني واعتنقته) وهو حديث جيد الإسناد رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو يعلى، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عانق زيد بن حارثة، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانًا يجر ثوبه، والله ما رأيته عريانًا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله اهـ وحسنه الترمذي: وذكره الحافظ في الفتح ونقل تحسين الترمذي له وسكت عنه، وتقدم حديث أبي ذر في هذا الباب وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم عانقه وهذه الأحاديث تدل على مشروعية المعانقة خصوصًا للقادم من السفر، فقد روى الطبراني في الأوسط عن أنس بن مالك كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا، أورده الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح (فإن قيل) كيف الجمع بين هذه الأحاديث وحديث أنس المتقدم
الصفحة 349
360