كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
قال فتيب عليهم كلهم (عن أنس بن مالك) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته (2) يوم أحد وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه فقال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فنزلت هذه الآية (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) (باب وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) (عن البراء بن عازب) (3) قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة وكانوا خمسين رجلا عبد الله بن جبير يوم أحد وقال ان رأيتم العدو ورأيتم الطير تخطفنا فلا تبرحوا (4) فلما رأوا الغنائم قالوا عليكم الغنائم فقال عبد الله ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبرحوا قال غيره فنزلت (وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) يقول عصيتم الرسول من بعد ما أراكم
__________
(قلت) تقدم الكلام على ذلك والجمع بين القولين في باب القنوت في الصبح من كتاب الصلاة في الجزء الثالث في الشرح صحيفة 299 (أما تفسير الآية) فمعنى قوله تعالى (ليس لك من الأمر شيء) أي ليس لك من الحكم شيء في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم ثم ذكر بقية الأقسام فقال (أو يتوب عليهم) أي مما هم فيه من الكفر فيهديهم بعد الضلالة (أو يعذبهم) أي في الدنيا والآخرة على كفرهم وذنوبهم ولهذا قال (فإنهم ظالمون) أي يستحقون ذلك قال فتيب عليهم أي اسلموا وحسن اسلامهم (تخريجه) (خ نس مذ) وابن جرير والبيهقي في الدلائل (1) حدثنا هشيم أنا حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) الرباعية بوزن الثمانية السن التي بين الثنية والناب والجمع رباعيات بالتخفيف أيضا قال الحافظ المراد بكسر الرباعية وهي السن التي بين الثنية والناب انها كسرت فذهب منها فلقة ولم تقلع من أصلها (وشج) على البناء للمفعول والشج ضرب الرأس خاصة وجرحه وشقه ثم استعمل في غيره (وهو يدعوهم إلى الله) جملة حالية فنزلت هذه الآية وتقدم تفسيرها (تخريجه) (ق مذ نس) (باب) (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن أبي اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (4) أي فلا تفارقوا هذا المكان ثم أقيل المشركون فأخذوا في القتال فجعل الرماة يرشقون خيل المشركين بالنيل والمسلمون يضربونهم بالسيوف حتى ولوا هاربين فقال بعض الرماة انهزم القوم فما مقامنا واقبلوا على الغنيمة وقال بعضهم لا تجاوزوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عبد الله بن جبير في نفر يسير دون العشرة فلما رأى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل ذلك حملوا على الرماة فقتلوا عبد الله بن جبير وأصحابه (وكان ذلك قبل اسلامهما) وأقبلوا على المسلمين ضربا وقتالا وانفضت صفوف المسلمين واختلطوا فجعلوا يقتتلون على غير شعار يضرب بعضهم بعضا ما يشعرون من الدهش ونادى إبليس أن محمدا قد قتل فكان ذلك سبب هزيمة المسلمين فنزل قوله تعالى (وعصيتم) يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وخالفتم أمره من بعد (ماأراكم) الله عز وجل (ما تحبون) يا معشر المسلمين من النصر والظهر والغنيمة وبقية الآية (منكم من يريد الدنيا) يعني الذين تركوا المراكز وأقبلوا على النهب (ومنكم من يريد الآخرة) يعني الذين ثبتوا مع عبد الله بن جبير حتى قتلوا قال عبد الله بن مسعود ما شعرت أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى كان يوم أحد ونزلت هذه الآية (ثم صرفكم عنهم) أي ردكم عنهم بالهزيمة (ليبتليكم) ليمتحنكم وقيل لينزل البلاء عليكم (ولقد عفا عنكم) فلم يستأصلكم بعد المعصية والمخالفة منكم لأمر نبيكم (والله ذو فضل على المؤمنين) إذ عفا عنكم بعد أن وليتم مدبرين (تخريجه) (خ)