كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

الغنائم وهزيمة العدو (باب قوله عز وجل أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا) الآية (1) (وقوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الآيات (عن ابن عباس) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر تود أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم قالوا ياليت اخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا (3) عن الحرب فقال الله عز وجل أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء) (4)
__________
(باب) (1) سبب نزول هذه الآية أنه لما كان يوم بدر قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون؟ فطلب المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم قبول فداء أسراهم فاستشار أصحابه في أمرهم هل يقبل الفداء أو يقتل الأسرى؟ فكان من رأي أبي بكر قبول الفداء ومن رأي عمر قتل الأسرى فمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر وأخذ الفداء فقد جاء في حديث عمر عند الامام احمد مطولا وسيأتي بسنده وطوله وتخريجه في باب ما جاء في سياق غزوة بدر من حوادث السنة الثانية من كتاب السيرة النبوية قال لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله عز وجل (أو لما أصابتكم مصيبة) وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السبعين منهم (قد أصبتم مثليها) يعني يوم بدر فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلا وأسروا سبعين أسيرا (قلتم أنى هذا) أي من أين جرى علينا هذا ونحن مسلمون ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا (قل هو من عند أنفسكم) أي بأخذكم الفداء يوم بدر وعصيانكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم يوم أحد فعصيتم يعني بذلك الرماة (ان الله على كل شيء قدير) أي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه (2) (سنده) حدثنا يعقوب حدثني أبي عن ابن اسحاق حدثني اسماعيل بن أمية ابن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس الخ (وله سند آخر) حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن ادريس عن محمد بن اسحاق عن اسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (غريبه) (3) بضم الكاف أي ولا يمتنعوا عن الحرب وقد (نكل) من باب نصر وفرح (عن الأمر) ينكل إذا امتنع ومنه النكول في اليمين وهو الامتناع منها وترك الإقدام عليها (4) زاد في هذا الحديث عند البغوي - إلى قوله (لا يضيع أجر المؤمنين) فقوله في حديث الباب فأنزل الله هؤلاء الآيات يعني الآيات الثلاث إلى قوله (لا يضيع أجر المؤمنين) (التفسير) (ولا تحسبن) أي ولا تظنن (الذين قتلوا) قرأ ابن عامر قتلوا بالتشديد والآخرون بالتخفيف (في سبيل الله) أي لأجل دينه واعلاء كلمته (أمواتا) كأموات من لم يقتل في سبيل الله (بل أحياء عند ربهم) أرواحهم في أجواف طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت كما ورد في بعض روايات الحديث (يرزقون) يأكلون من ثمار الجنة وتحفها (فرحين بما آتاهم الله من فضله) رزقه وثوابه (ويستبشرون) ويفرحون (بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) من اخوانهم الذين تركوهم أحياءا في الدنيا على مناهج الايمان والجهاد لعلمهم أنهم اذا استشهدوا لحقوا بهم ونالوا من الكرامة ما نالوا فهم لذلك مستبشرون

الصفحة 109