كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

(باب وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) الآية (عن ابن أبي مليكة) (1) أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أخبره أن مروان (2) قال اذهب يا رافع لبوابه إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقل لئن كان كل امرئ منا فرح بما أوتي (3) وأحب أن يحمد بما لم يفعل لنعذبن (4) أجمعون فقال ابن عباس وما لكم وهذه إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا ابن عباس (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) هذه الآية (5) وتلا ابن عباس (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا (6) ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا)
__________
(ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) يعني الذين لم يلحقوا بهم (يستبشرون بنعمة) ثواب (من الله وفضل) زيادة عليه (وان الله لا يضيع أجر المؤمنين) بل يأجرهم (تخريجه) (د ك) وابن جرير والبغوي وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي مليكة ان حميد بن عبد الرحمن بن عوف الخ (غريبه) (2) يعني ابن الحكم وكان يومئذ أميرا على المدينة من قبل معاوية (3) بضم الهمزة وكسر الفوقية أي أعطى (4) بفتح الذال المعجمة المشددة (وقوله أجمعون) بالواو أي لأن كلنا يفرح بما أوتى ويحب أن يحمد بما لم يفعل (فقال ابن عباس) منكرا عليهم السؤال عن ذلك (ومالكم وهذه) أي وللسؤال عن هذه المسألة ثم تلا ابن عباس الآية يستشهد بها على قوله (5) (التفسير) (وإذا أخذ الله) أي واذكر يا محمد وقت إذ أخذ الله (ميثاق الذين أوتوا الكتاب) يعني اليهود والنصارى والمراد منهم العلماء خاصة وقيل المراد بالذين أوتوا الكتاب العلماء والأحبار من اليهود خاصة وأخذ الميثاق هو التوكيد الالزام لبيان ما أوتوه من الكتاب وهو قوله تعالى (لتبيننه للناس) باتاء على حكاية مخاطبتهم كقوله وقضينا إلى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض وبالياء مكى وأبو عمرو وأبو بكر لأنهم غيب والضمير للكتاب يعني لبينن ما في الكتاب وليطهرنه للناس حتى يعلموه وذلك أن الله أوجب على علماء التوراة والانجيل أن يشرحوا للناس ما في هذين الكتابين من الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبقية الآية (ولا تكتمونه) بالتاء والياء أيضا يعني ولا يخفون ذلك على الناس (فنبذوه) يعني الميثاق وقيل الكتاب (وراء ظهورهم) أي طرحوه وضيعوه (واشتروا به ثمنا قليلا) يعني المآكل والرشا التي كانوا يأخذونها من عوامهم وسفلتهم (فبئس ما يشترون) ذمهم الله تعالى على فعلهم ذلك واعلم أن ظاهر هذه الآية وان كان مخصوصا بعلماء أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فلا يبعد أن يدخل فيه علماء هذه الأمة الاسلامية لأنهم أهل كتاب وهو القرآن وهو أشرف الكتب قال قتادة هذا ميثاق أخذه الله تعالى على أهل العلم فمن علم شيئا فليعلمه واياكم وكتمان العلم فإنه هلكة اهـ (قلت) والأحاديث في ذم كتمان العلم كثيرة انظر باب وعيد من تعلم علما فكتمه من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 161 (6) أي بما فعلوا وهي قراءة أبي وجاء وأتى يستعملان بمعنى فعل قال تعالى انه كان وعده ماتيا لقد جئت شيئا فريا وقرأ النخعي بما آتوا أي أعطوا والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقرئ بالتاء على الخطاب أي لا تحسبن يا محمد الفارحين الذين يفرحون وقرئ بالياء على الغيبة يعني ولا يحسبن الفارحون والمعنى لا يحسبن الذين يفرحون فرحهم منجيا لهم من العذاب وفسر ذلك ابن عباس بقوله سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه قيل سألهم عن صفته بايضاح فكتموه اياه واخبروه بغيره أي بصفته صلى الله عليه وسلم في الجملة

الصفحة 110