كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

(باب يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (عن ابن عباس) (1) أنه قال نزلت (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (2) في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في السرية (3) (باب فلا وربك لا يؤمنون الخ الآية) (عن عروة بن الزبير) (4) ان الزبير كان يحدث أنه خاصم رجلا من الأنصار وقد شهد بدرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة كانا يستقيان بها كلاهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير أسق ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصاري وقال يارسول الله كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال للزبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر فاستوعى النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ للزبير حقه وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة له وللانصاري فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم قال عروة فقال الزبير رضي الله عنه والله ما أحسب هذه الآية انزلت إلا في ذلك (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت
__________
كثر أي بكى وبكاؤه صلى الله عليه وسلم على المفرطين أو لعظم ما تضمنته الآية من هول المطلع وشدة الأمر والله أعلم (تخريجه) (ق د نس مذ) (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني يعلي بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (2) (التفسير) اختلف العلماء في أولى الأمر الذين أوجب الله طاعتهم بقوله (وأولى الأمر منكم) قال ابن عباس وجابر هم الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس معالم دينهم وهو قول الحسن ومجاهد والضحاك دليله قوله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وقال أبو هريرة هم الأمراء والولاة وهي رواية عن ابن عباس أيضا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه حق على الامام ان يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا روى الشيخان والامام احمد وغيرهما عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة (3) جاء عند البخاري إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية وانتهى الحديث إلى هنا عند البخاري والامام احمد قال الحافظ كذا ذكره (يعني البخاري) مختصرا والمعنى نزلت في قصة عبد الله بن حذافة أي المقصود منها في قصته قوله (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله الآية) وقد غفل الداودي عن هذا المراد فقال هذا وهم علي ابن عباس فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب فأوقدوا نارا وقال اقتحموها فامتنع بعضهم وهم بعض أن يفعل قال فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره؟ وان كانت نزلت بعد فإنما قيل لهم انما الطاعة في المعروف وما قيل لهم لم لم تطيعوه؟ اهـ وبالحمل الذي قدمته يظهر المراد وينتفى الاشكال الذي أبداه لأنهم تنازعوا في امتثال ما أمرهم به وسببه أن الذين هموا ان يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار فناسب ان ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله وإلى رسوله أي ان تنازعتم في جواز الشيء وعدم جوازه فارجعوا إلى الكتاب والسنة والله أعلم (تخريجه) (ق والثلاثة) (باب) (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب

الصفحة 114