كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

أن رجلا أتاه فقال أرأيت رجلا قتل رجلا متعمدا (1) قال (جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) (2) قال لقد أنزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال وأنى له بالتوبة (4) وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثكلته أمه رجلا قتل رجلا متعمدا يجيء يوم القيامة آخذا قاتله بيمينه أو بيساره وآخذا رأسه بيمينه أو شماله تشخب (5) أوداجه دما قبل العرش يقول يا رب سل عبدك فيم قتلني (باب ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا) (عن ابن عباس) (6) قال مر نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
__________
عن ابن عباس الخ (1) أي بغير ذنب يستوجب ذلك القتل (2) (التفسير) أول الآية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم الخ الآية) جاء عند أبي داود عن أبي مجلز (بوزن منبر) وهو لاحق بن حميد في قوله (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) قال هي جزاؤه فإن شاء الله ان يتجاوز عنه فعل (وقوله خالدا فيها) قيل ان الخلود لا يقتضي التأييد بل معناه دوام الحالة التي هو عليها ويدل عليه قول العرب للأيام خوالد وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها واذا ذكر الخلود في حق الكفار قرنه بذكر التأييد كقوله خالدين فيها ابدا فإذا قرن الخلود بهذه اللفظة علم ان المراد منه الدوام الذي لا ينقطع اذا ثبت هذا كان معنى الخلود المذكور في الآية ان الله تعالى يعذب قاتل المؤمن عمدا في النار الى حيث يشاء الله ثم يخرجه بفضل رحمته وكرمه (وغضب الله عليه ولعنه) أي انتقم منه وطرده من رحمته (وأعد له عذابا عظيما) لارتكابه أمرا عظيما وخطبا جسيما وهو قتل المؤمن (3) اختلف العلماء في حكم هذه الآية هل هي منسوخة أم لا؟ وهل لمن قتل مؤمنا متعمدا توبة ام لا؟ فروى عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس المن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ قال لا فتلوت عليه الآية التي في الفرقان (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق إلى آخر الآية) قال هذه آية مكية نسخها آية مدنية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) (وفي رواية) قال اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت إلى ابن عباس فقال نزلت في آخر ما نزل ولم ينسخها شيء وذهب الأكثرون من علماء السلف والخلف إلى أن هذه الآية (يعني آية النساء) منسوخة واختلفوا في ناسخها فقال بعضهم نسختها التي في الفرقان وليس هذا القول بالقوى لأن آية الفرقان نزلت قبل آية النساء والمتقدم لا ينسخ المتأخر وذهب جمهور من قال بالنسخ الى ان ناسخها الآية التي في النساء أيضا وهي قوله تعالى (ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (4) هذا رأي ابن عباس قال المنذري وقال جماعة من العلماء ان له توبة منهم عبد الله بن عمر وهو أيضا مروى عن عبد الله بن عباس وزيد بن ثابت وهو الذي عليه جماعة من السلف وجميع ما روى عن بعض السلف مما ظاهره خلاف هذا فهو على التغليظ والتشديد والآية خبر والأخبار لا يدخلها النسخ وقد قيل ان ابن عباس انما افتى بأنه لا توبة للقاتل انه ظن أن السائل سأل ليقتل فاراد زجره عن مقدار التغليظ عليه ليمتنع وقيل أمره إلى الله تاب أو لم يتب وعليه الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ايضا يقول في كثير في من هذا إلا أن يعفوا الله عنه أو معنى هذا وقيل معناه (ومن يقتل مؤمنا متعمدا مستحلا لقتله) والله أعلم (5) أي تسيل واصل الشخب ما يخرج من تحت يد الحالب عند كل غمزة وعصرة لضرع الشاة (تخريجه) (نس جه) وسنده حسن (باب) (6) (سنده) حدثنا

الصفحة 116