كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

آية التيمم) (1) فتيمموا فقال أسيد بن الحضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته (باب انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الخ)
__________
(1) أول الآية قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اذا أقمتم الى الصلاة إلى قوله لعلكم تشكرون) (التفسير) (يا أيها الذين آمنوا اذا قمتم إلى الصلاة) أي اذا أردتم القيام إلى الصلاة كقوله فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله أي اذا أردت القراءة وظاهر الآية يقتضي وجوب الوضوء وعند كل صلاة لكن بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله ان المراد من الآية اذا قمتم الى الصلاة وأنتم على غير طهر قال صلى الله عليه وسلم (لا يقبل الله صلاة أحدكم اذا أحدث حتى يتوضأ) وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق بين أربع صلوات بوضوء واحد (فاغسلوا وجوهكم) حد الوجه من منابت شعر الرأس إلى منتهى الذقن طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا لأنه مأخوذ من المواجهة فيجب غسل جميع الوجه في الوضوء (وأيديكم إلى المرافق) المرافق جمع مرفق كمنبر وهو من الإنسان أعلى الذراع وأسفل العضد وذهب جمهور العلماء إلى وجوب إدخال المرفقين في الغسل (وامسحوا برءوسكم) هذه الباء للالصاق على الأظهر والمراد الصاق المسح بالرأس فأخذ مالك وأحمد بالاحتياط فأوجبا مسح الرأس كله والشافعي باليقين فأوجب أقل ما يقع عليه اسم المسح وأبو حنيفة بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على ناصيته وقدرت الناصية بربع الرأس فأوجب المسح عليها على هذا المقدار (وأرجلكم إلى الكعبين) بالنصب شامي ونافع وعلى وحفص والمعنى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برءوسكم على التقديم والتأخير وقرأ غيرهم بالجر بالعطف على الرءوس لأن الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للاسراف المنهي عنه فعطف على المسموح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها وقيل إلى الكعبين فجيء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة وقال في جامع العلوم انها مجرورة للجوار اهـ والكعبان هما العظمان الناتئان من جانبي القدمين وهما بجمع مفصل الساق والقدم فيجب غسلهما مع القدمين كما تقدم في المرفقين وقال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم والأئمة الأربعة وأصحابهم إن فرض الرجلين هو الغسل (وان كنتم جنبا فاطهروا) أي اغتسلوا فقد أمر الله بالاغتسال من الجنابة وذلك يجب على الرجل والمرأة بأحد شيئين اما بخروج المنى على اي صفة كان من احتلام أو غيره أو بالتقاء الختانين وان لم يكن معه انزال فاذا حصل وجب الغسل (وان كنتم مرضى) جمع مريض وأراد به مرضا يضره استعمال الماء مثل الجدري ونحوه أو كان على موضع الطهارة جراحة يخاف من استعمال الماء فيها التلف أو زيادة الوجع فإنه يصلي بالتيمم وان كان الماء موجودا (أو على سفر) سواء كان السفر طويلا أو قصيرا وعدم الماء فإنه يصلي بالتيمم ولا اعادة عليه (أو جاء أحد منكم من الغائط) أراد به اذا أحدث والغائط اسم للمطمئن من الأرض وكانت عادة العرب اتيان الغائط للحدث فكنى عن الحدث بالغائط (أو لامستم النساء) قرأ حمزة والكسائي هاهنا وفي سورة النساء أو لمستم وقرأ الباقون (أو لامستم) واختلفوا في معنى اللمس والملامسة فقال قوم هو المجامعة وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وكنى باللمس عن الجماع لأنه لا يحصل إلا باللمس وقال قوم هما التقاء البشرتين سواء كان بجماع أو بغير جماع وهو قول ابن مسعود وابن عمر والشعبي والنخعي واختلف الفقهاء في حكم

الصفحة 127