كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

يحاربون الله ورسوله) (باب يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) إلى قوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) (عن البراء بن عازب) (1) قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم (2) مجلود فدعاهم فقال أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ فقالوا نعم قال فدعا رجلا من علمائهم فقال أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ (3) فقال لا والله لولا أنك أنشدتني بهذا (4) لم أخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر على أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه واذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا (5) تعالوا حتى نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا (6) على التحميم والجلد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه (7) قال فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل (يا أيها الرسول لا يحزنك (8) الذي يسارعون في الكفر - إلى قوله - يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه) يقولون ائتوا محمدا فإن افتاكم بالتحميم والجلد فخذوه وان افتاكم بالرجم فاحذروا (9) إلى قوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال في اليهود (10) إلى قوله (ومن لم
__________
كفارة له وان لم يعاقب في الدنيا فهو في خطر المشيئة إن شاء عذبه بجنايته ثم يدخله الجنة وان شاء عفا عنه هذا مذهب أهل السنة والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرها) (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (2) أي مسود وجهه بالحمم بضم الحاء وفتح الميم وهو الفحم (3) قال العلماء هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم فإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم ولاظهار ما كتموه من حكم التوراة وأرادوا تعطيل نصها ففضحهم بذلك ولعله صلى الله عليه وسلم قد أوحى اليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء أو أنه أخبره بذلك من أسلم منهم ولهذا لم يخفف ذلك عليه حين كتموه (4) أي لولا أنك سألتني مقسما علي بمنزل التوراة (5) يعني فيما بيننا (6) أي فأجمعنا أمرنا على التحميم والجلد (7) أي في وقت أماتت اليهود أمرك واسقطوه عن العمل (8) (التفسير) (يا ايها الرسول لا يحزنك) صنع (الذين يسارعون في الكفر) يقعون فيه بسرعة أي يظهرونه اذا وجدوا فرصة (من) للبيان (الذين قالوا آمنا بأفواههم) بألسنتهم متعلق بقالوا (ولم تؤمن قلوبهم) وهم المنافقون (ومن الذين هادوا) قوم (سماعون للكذب) الذي افترته احبارهم سماع قبول (سماعون) منك (لقوم) أي لاجل قوم (آخرين) من اليهود (لم يأتوك) وهم أهل خيبر زنى فيهم محصنان فكرهوا رجمهما فبعثوا قريظة ليسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكمهما (يحرفون الكلم) الذي في التوراة كآية الرجم (من بعد مواضعه) التي وضعه الله عليها أي يبدلونه (يقولون) لمن أرسلوهم (ان أوتيتم هذا) الحكم المحرف أي الجلد أي أن افتاكم به محمد (فخذوه) أي اقبلوه (وان لم تؤتوه) بل أفتاكم بخلافه (فاحذروا) أن تقبلوه (9) جاء عند مسلم بعد قوله فاحذروا فأنزل الله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (10)) يعني أن اليهود لما أنكروا حكم الله تعالى المنصوص عليه في التوراة وقالوا انه غير واجب عليهم فهم كافرون على الاطلاق بموسى والتوراة وبمحمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والقرآن (واختلف العلماء) فيمن نزلت هذه الآيات الثلاث وهي قوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنز الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون فقال جماعة من المفسرين إن الآيات الثلاث

الصفحة 129