كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) قال هي في الكفار كلها (عن ابن عباس) (1) في قوله تعالى (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم (2) وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين) قال كان بنو النضير اذا قتلوا قتيلا من بني قريظة أدوا اليهم نصف الدية واذا قتل بنو قريظة من بني النضير قتيلا أدوا اليهم الدية كاملا فسوى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينهم الدية (3) (وعنه أيضا) (4) أن الله عز وجل أنزل (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وأولئك هم الظالمون وأولئك هم الفاسقون) قال قال ابن عباس أنزلها الله في الطائفتين من اليهود وكانت احداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتله العزيزة (5) من الذليلة فديته خمسون وسقا وكل قتيل قتله الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويومئذ لم يظهر (6) ولم يوطئهما
__________
نزلت في الكفار ومن غير حكم الله من اليهود لأن المسلم وان ارتكب كبيرة لا يقال انه كافر وهذا قول ابن عباس وقتادة والضحاك ويدل على صحة هذا القول هذا الحديث الصحيح وفي آخره قال هي في الكفار كلها (وعن ابن عباس) قال ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون إلى قوله الفاسقون هذه الآيات الثلاث في اليهود خاصة قريظة والنضير أخرجه أبو داود وقال ابن عباس وعكرمة ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به فقد كفر ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق (قلت) وهذا هو الظاهر والله أعلم (تخريجه) (م د جه) (1) (سنده) حدثنا محمد بن سلمة عن ابن اسحاق عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس الخ (2) (التفسير) اختلف علماء التفسير في حكم هذه الآية على قولين (أحدهما) أنها منسوخة وذلك أن أهل الكتاب كانوا اذا ترافعوا الى النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا فإن شاء حكم بينهم وان شاء أعرض عنهم ثم نسخ ذلك بقوله (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) فلزمه الحكم بينهم وزال التخيير وهذا القول مروي عن ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة (القول الثاني) انها محكمة وحكام المسلمين بالخيار إذا ترافعوا اليهم فإن شاءوا حكموا بينهم وان شاءوا اعرضوا عنهم وهذا القول مروي عن الحسن والشعبي والنخعي والزهري وبه قال أحمد لأن لا منافاة بين الآيتين أما قوله فاحكم بينهم أو اعرض عنهم ففيه التخيير بين الحكم والاعراض وأما قوله (وان احكم بينهم بما أنزل الله) ففيه كيفية الحكم إذا حكم بينهم ويؤيده هذا القول ما روى ان رسورة المائدة كلها محكمة ليس فيها منسوخ (وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط) يعني بالعدل والاحتياط (إن الله يحب المقسطين) يعني العادلين فيما ولوه وحكموا فيه وهذا معنى قوله في الحديث فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم الدية (3) يعني كاملة كما في نسخة أخرى (تخريجه) (د نس) وابن جرير وسنده صحيح (4) (سنده) حدثنا ابراهيم بن أبي العباس حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس أن الله عز وجل الخ (غريبه) (5) العزيزة هم بنو النضير والذليلة هم بنو قريظة (6) أي لم يظهر من إحدى الطائفتين تعد على الأخرى (ولم يوطئهما) أي لم يوافقهما النبي صلى الله عليه وسلم على ما اصطلحا

الصفحة 130