كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

نصب النفس ورفع العين (باب يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر الخ) (عن سعد بن أبي وقاص) (1) قال صنع رجل من الانصار طعاما فأكلوا وشربوا وانتشوا (2) من الخمر وذاك قبل أن تحرم فاجتمعنا عنده فتفاخروا وقالت الانصار الأنصار خير وقالت المهاجرين المهاجرين خير فأهوى له رجل بلحنى (3) جزور ففزر أنفه (4) فكان أنف سعد مفزورا فنزلت (يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر (5) إلى قوله - فهل أنتم منتهون) (عن ابن عباس) (6) قال لما نزل تحريم الخمر قالوا يا رسول الله كيف باخواننا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت (وفي رواية) فقال بعضهم قد قتل سهيل بن بيضا وهي في بطنه قال فأنزل الله عز وجل (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح (7) فيما طعموا) الخ الآية
__________
(بالسن والجروح قصاص) أي ذات قصاص أي مقاصة وهذا تعميم للحكم بعد ذكر بعض التفاصيل والمراد منه كل ما يمكن المساواة فيه من أي طريق كالذكر والانثيين والقدمين واليدين ومن الجراحات المضبوطة كالموضحة مثلا وهي التي توضح العظم وتبدي وضحه وهو الضوء والبياض وكذا منافع الاعضاء والاطراف كالسمع والبصر فأما الذي لا يمكن القصاص فيه كرض في لحم أو كسرفي عظم أو خدش وادماء في جلد ففي ذلك أرش وحكومة وتفاصيلها تقدمت في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 272 - 273 في الجزء الثاني فارجع اليه تجد ما يسرك (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده ولفظه وعزاه للامام احمد وقال وكذا رواه أبو داود والترمذي والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن المبارك وقال الترمذي حسن غريب وقال البخاري تفرد ابن المبارك بهذا الحديث اهـ (باب) (1) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في مناقب سعد بن أبي وقاص من كتاب مناقب الصحابة وهو حديث صحيح رواه مسلم والبيهقي (غريبه) (2) أي سكروا (3) بفتح اللام وسكون الحاء المهملة هو عظم الحنك وهو الذي عليه الاسنان (جزور) أي بعير (4) فزر بفتحات وتقديم الزاي على الراء أي شقه (5) (التفسير) بقية الآية (والانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) تقدم تفسير هذه الآية في باب يسألونك عن الخمر والميسر من سورة البقرة ثم قال عز من قائل (انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) أما العداوة في الخمر أن الشاربين اذا سكروا عربدو وتشاجروا كما فعل الانصاري الذي شج سعد بن أبي وقاص بلحى الجمل وأما العداوة في الميسر وهو القمار فقد قال قتادة كان الرجل يقامر على الأهل والمال ثم يبقى حزينا مسلوب الأهل والمال مغتاظا على حرفائه (ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) وذلك ان من اشتغل بشرب الخمر والقمار الهاه ذلك عن ذكر الله وشوه عليه صلاته كما فعل بأضياف عبد الرحمن بن عوف تقدم رجل ليصلي بهم بعد ما شربوا فقرأ (قل يا ايها الكافرون أعبد ما تعبدون) بحذف لا (فهل أنتم منتهون) أي انتهوا لفظه استفهام ومعناه أمر كقوله تعالى (فهل أنتم شاكرون) (تخريجه) (م هق) والبغوي (6) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (7) (التفسير) (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح) أي حرج (فما طعموا) أكلوا من الخمر والميسر قبل التحريم (اذا ما اتقوا) الشرك والمحرمات

الصفحة 132