كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
(باب إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية) (حدثني جسرة بنت دجانة) (1) انها انطلقت معتمرة فانتهت إلى الربذة (2) فسمعت أب ذر يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي في صلاة العشاء فصلى بالقوم ثم تخلف أصحاب له يصلون فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله فلما رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلى فجئت فقمت خلفه فأومأ إلى بيمينه فقمت عن يمينه ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفه فأومأ اليه بشماله فقام عن شماله فقمنا ثلاثتنا يصلي كل رجل منا بنفسه ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو فقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة فبعد أن أصبحنا أومأت إلى عبد الله بن مسعود أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة؟ فقال ابن مسعود بيده لا اسأله عن شيء حتى يحدث إلي فقلت بأبي أنت وأمي (3) قمت بآية من القرآن ومعك القرآن لو فعل هذا بعضنا وجدنا عليه (4) قال دعوت لأمي قال فماذا أجبت أو ماذا رد عليك؟ قال أجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعة تركوا الصلاة قال أفلا أبشر الناس قال بلى فانطلقت معنقا (6) قريبا من قذفة بحجر فقال عمر يا رسول الله انك ان تبعث إلى الناس بهذا نكأوا (7) عن العبادة فنادى ان ارجع فرجع وتلك الآية (أن تعذبهم فإنهم عبادك (8) وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)
__________
على الصديق وقد رجع رفعه الدارقطني وغيره اهـ (قلت) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وروى الترمذي أيضا باسناد حسن عن أبي أمية الشعباني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له كيف تصنع في هذه الآية؟ قال أية آية؟ قلت قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤمرة واعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع العوام فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم قال عبد الله بن المبارك وزادني غير عتبة عتبة قيل يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال لا بل أجر خمسين رجلا منكم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب (قلت) وأخرجه (د جه) وابن جرير وابن أبي حاتم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى (يعني ابن سعيد) حدثنا قدامة بن عبد الرحمن حدثني جسرة بنت دجانة الخ (غريبه) (2) الربذة بالتحريك هي منزل من منازل حاج العراق على ثلاث مراحل من المدينة قريبة من ذات عرق وبها قبر ابي ذر الغفاري رضي الله عنه لأنه توطنها في آخر حياته ومات بها (3) أي أفديك بأبي وأمي والقائل ذلك هو أبو ذر (4) أي غضبنا عليه (5) معنى هذا أنه عز وجل استجاب دعاءه بالمغفرة لأمته (6) أي مسرعا (7) بفتح الكاف أي امتنعوا (8) (التفسير) (ان تعذبهم فإنهم عبادك) تتصرف في شأنهم كيف شئت بعد لك (وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز) في الملك الغالب على أمره (الحكيم) في القضاء لا ينقص من عزك شيء ولا يخرج من حكمك تلا النبي صلى الله عليه وسلم قول عيسى بن مريم عليه السلام (ان تعذبهم فإنهم عبادك الآية) حينما سأل ربه الشفاعة لأمته فأعطاه إياها كما جاء في حديث آخر لأبي ذر عند الامام احمد أيضا وفيه قلت يا رسول الله ما زلت تقرؤ هذه الآية حتى اصبحت تركع بها وتسجد بها؟ قال اني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة ان شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئا (وروى ابن أبي حاتم) بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول عيسى