كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

(سورة الأنعام) (باب وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الآية) (عن عبيد الله بن زياد) (1) عن ابني يسر السلميين قال دخلت عليهما فقلت يرحمكما الله الرجل منا يركب دابته فيضربها بالسوط ويكفحها (2) باللجام هل سمعتما من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا؟ (3) قالا لا ما سمعنا منه في ذلك شيئا فإذا امرأة قد نادت من جوف البيت أيها السائل ان الله عز وجل يقول (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه (4) إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء) فقالا هذه أختنا وهي أكبر منا وقد أدركت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
__________
(إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) فرفع يديه فقال اللهم أمتي وبكى فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فاسأله ما يبكيه فأتاه جبريل فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل انا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك (تخريجه) (نس جه) مختصرا وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات ثم قال رواه النسائي في الكبرى واحمد في المسند وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح (سورة الأنعام) (باب) (1) (سنده) حدثنا علي بن بحر قال حدثنا عيسى بن يونس قال ثنا عبد الرحمن بن يزيد يعني ابن جابر عن عبيد الله بن زياد الخ (غريبه) (2) أي يجذبها باللجام لتقف ويقال فيه أيضا (يكبحها) بالياء الموحدة المفتوحة بدل الفاء قال في النهاية في حديث الافاضة من عرفات (وهو يكبح راحلته) كبحت الدابة اذا جذبت راسها اليك وانت راكب ومنعتها من الجماع وسرعة السير (3) يريد أن الانسان يؤاخذ بذلك أم لا؟ (4) (التفسير) (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه) الدابة اسم لما يدب على الأرض وتقع على المذكر والمؤنث وقيد الطائر بالجناحين لنفي المجاز لأن غير الطائر قد يقال فيه طار اذا اسرع قال العلماء جميع ما خلق الله عز وجل لا تخرج عن هاتين الحالتين اما ان يدب على الأرض أو يطير في الهواء حتى الحقوا حيوان الماء بالطير لأن الحيتان تسبح في الماء كما ان الطير يسبح في الهواء وانما خص ما في الأرض بالذكر دون ما في السماء وان كان ما في السماء مخلوقا له لأن الاحتجاج بالمشاهد أظهر وأولى مما لا يشاهد (إلا أمم أمثالكم) قال مجاهد اي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها يريد أن كل جنس من الحيوان أمة فالطير أمة والدواب أمة والسباع أمة تعرف بأسمائها مثل بني آدم يعرفون بأسمائهم كما يقال الانس والناس ويدل على أن كل جنس من الدواب أمة ما روى عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لولا ان الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم رواه الامام احمد والأربعة وصححه الترمذي وتقدم في باب الرخصة في عدم قتل الكلاب من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صحيفة 22 رقم 70 وقد اختلف العلماء في وجه هذه المماثلة فقيل ان هذه الحيوانات تعرف الله وتوحده وتسبحه وتصلي له كما أنكم تعرفونه وتوحدونه وتسبحونه وتصلون له قال تعالى (وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) وقيل انها يفهم بعضها عن بعض ويألف بعضها بعضا كما أن جنس الانسان يألف بعضها بعضا ويفهم بعضهم عن بعض وقيل أمثالكم في طلب الرزق وتوقي المهالك ومعرفة الذكر والأنثى وقيل أمثالكم في الخلق والاحتياج إلى مدير يدبر أمرها وفي الموت والبعث بعد الموت للحساب حتى يقتص للجماء من للقرناء

الصفحة 136