كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

(باب وأنذر به الذين يخالفون أن يحشروا إلى ربهم - إلى قوله - والله أعلم بالظالمين) (عن ابن مسعود) (1) قال مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب (2) وصهيب وبلال وعمار فقالوا يا محمد ارضيت بهؤلاء (3) فنزل فيهم القرآن (وأنذر به (4) الذين يخافون أن يحشروا إلى
__________
كما ورد في الحديث (ما فرطنا في الكتاب من شيء) يعني في اللوح المحفوظ لأنه يشمل جميع أحوال المخلوقات وقيل أن المراد بالكتاب القرآن يعني أن القرآن مشتمل على جميع الأحوال (ثم إلى ربهم يحشرون) يعني الدواب والطير قال ابن عباس حشرها موتها وقال ابو هريرة يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء فيأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كوني ترابا وعن أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء (م حم وغيرهما) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (باب) (1) (سنده) حدثنا أسباط حدثنا أشعث عن كردوس عن ابن مسعود الخ (غريبه) (2) هو خباب بفتح أوله وتشديد الموحدة ابن الأرت بفتح الهمزة والراء بعدها تاء مثناة مشددة وهو عربي يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الياس بن مضر لحقه سباء في الجاهلية فبيع بمكة وكان خباب من السابقين إلى الاسلام وممن عذبوا في الله وكان سادس ستة في الاسلام (قال مجاهد) أول من أظهر اسلامه من الصحابة أبو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية أم عمار وشهد بدرا ثم نزل الكوفة ومات بها في خلافة علي رضي الله عنه سنة سبع وثلاثين (وصهيب) هو ابن سنان أبو يحيى الرومي أصله من النمر يقال كان اسمه عبد الملك وصهيب لقب صحابي شهير من السابقين إلى الاسلام وممن عذبوا في الله مات بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في خلافة علي وقيل قبل ذلك والله أعلم (وبلال) هو ابن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن حمامة وهي أمه أبو عبد الله مولى أبي بكر من السابقين الأولين شهد بدرا والمشاهد مات بالشام سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وقيل سنة عشرين وله بضع وستون سنة (وعمار) هو ابن ياسر أبو اليقظان مولى بني مخزوم صحابي جليل مشهور من السابقين الأولين ممن عذبوا في الله وممن شهدوا بدرا قتل مع علي رضي الله عنه بصفين سنة سبع وثلاثين (3) يعني العبيد الفقراء أرضيت أن يجلسوا معك ونحن أشراف قريش نجلس معهم وقد زاد ابن جرير في هذا الحديث نفسه (أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء الذين من الله عليهم من بيننا؟ أنحن نصير تبعا لهؤلاء؟ اطردهم فلعلك ان طردتهم ان نتبعك) فنزلت (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه) الآية (4) (التفسير) (وأنذر به) أي بما يوحى اليك من القرآن (الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم) هم المسلمون المقرون بالبعث إلا أنهم مفرطون في العمل فينذرهم بما أوحى إليه أو أهل الكتاب لأنهم مقرون بالبعث (ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) وفي موضع الحال من يحشروا أي يخافون أن يحشروا غير منصورين ولا مشفوعا لهم (لعلهم يتقون) يدخلون في زمرة أهل التقوى ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بانذار غير المتقين ليتقوا أمر بعد ذلك بتقريب المتقين ونهى عن طردهم بقوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى) واثني عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم أي عبادته ويواظبون عليها قيل يصلون صلاة الصبح والعصر أو الصلوات الخمس (يريدون وجهه) قال ابن عباس يطلبون ثواب الله نزلت في الفقراء بلال وصهيب وعمار واضرابهم حين قال رؤساء المشركين لو طردت هؤلاء السقاط لجالسناك فقال صلى الله عليه وسلم ما أنا بطارد المؤمنين فقالوا اجعل لنا يوما ولهم يوما وطلبوا بذلك

الصفحة 137