كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
نزلت (هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك فلما نزلت (أو من تحت أرجلكم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك فلما نزلت (أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) قال هذه (1) أهون وأيسر (عن ابي بن كعب) (2) في قوله تعالى (هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) الآية قال هن أربع وكلهن عذاب وكلهن واقع لا محالة فمضت اثنتان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض (3)
__________
سفيان عن عمرو (يعني ابن جابر الحضرمي) سمع جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (1) جاء عند الترمذي هاتان بدل هذه يعني خصلة الالباس وخصلة اذاقة بعضهم بأس بعض (أهون وأيسر) أي من بعث العذاب من الفوق أو التحت (تخريجه) (خ مذ نس حب) وابن جرير وابن مردويه وهو يفيد ان العذاب من الفوق أو من التحت لا يقعان لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ منهما ويؤيد ذلك حديث ابن عباس عند ابن مردويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوت الله أن يرفع عن أمتي أربعا فرفع عنهم اثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء والخسف من الأرض وان لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فرفع الله عنهم الخسف والرجم وأبى أن يرفع عنهم الأخريين (فان قيل) جاء في حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم أن الرجم والخسف كائنان في هذه الأمة فما وجه التوفيق (الجواب) ان الاعاذة المذكورة في حديث جابر وغيره مقيدة بزمان مخصوص وهو وجود الصحابة والقرون الفاضلة وأما بعد ذلك فيجوز وقوع ذلك فيهم ويحتم في طريق الجمع أن يكون المراد ان ذلك لا يقع لجميعهم وان وقع لأفراد منهم غير مقيدة بزمان كما في خصلة العدو الكافر والسنة العامة فإنه ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان رفعه في حديث (ان الله زوى لي مشارق الأرض ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها) الحديث وفيه (واني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة وان لا يسلط عليهم عدوا من غير أنفسهم وان لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض فقال يا محمد اني اذا قضيت قضاءا فإنه لا يرد واني أعطيتك لأمتك ان لا اهلكهم بسنة عامة وان لا أسلط عليهم عدوا من غيرهم يستبيح بيضتهم حتى يكون بعضهم يهلك بعضا) وأخرج الطبري (قلت والامام احمد ايضا) من حديث شداد نحوه باسناد صحيح فلما كان تسليط العدو الكافر قد يقع على بعض المؤمنين لكنه لا يقع عموما فكذلك الخسف والقذف أفاده الحافظ (2) (سنده) حدثنا روح بن عبد المؤمن ثنا عمر بن شقيق ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (3) يشير بذلك إلى قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه فهو أول الفتن وتفرق المسلمين وقتال بعضهم بعضا وكان ذلك سنة خمس وثلاثين من الهجرة وكانت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة فقد روى الشيخان والامام احمد وغيرهم عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث ثلاث عشرة ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين يعني مدة مكثه بالمدينة ثم مات وهو ابن ثلاث وستين وهذه أصح الروايات فعلم من هذا ابتداء الفتن قتل عثمان رضي الله عنه (روى ابن عساكر) بسنده عن حذيفة بن اليمان قال أول الفتن قتل عثمان وآخر الفتن خروج الدجال والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان الا تبع الدجال ان ادركه وان لم يدركه آمن به في قبره وقال زيد بن صوحان يوم