كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت (ومن طريق ثان) (1) عن الحسن قال قال الزبير بن العوام نزلت هذه الآية ونحن متوافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) فجعلنا نقول ما هذه الفتنة وما نشعر انها تقع حيث وقعت (باب وإذ يمكر بك الذين كفروا الخ) (عن ابن عباس) (2) في قوله تعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) (3) قال تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بل اقتلوه وقال بعضهم بل أخرجوه فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك (4) فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغاروبات
__________
منهم في يوم الجمل وقال السدي ومجاهد والضحاك وقتادة هذا في قوم مخصوصين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أصابتهم الفتنة يوم الجمل وقال ابن عباس أمر الله عز وجل المؤمنين أن لا يقروا المنكريين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب فيصيب الظالم وغير الظالم وتفسير ابن عباس هذا يشير إلى أن الفتنة ليست خاصة ببعض الصحابة بل هي عامة لجميع الأمة في كل زمان وهو تفسير حسن تؤيده الأحاديث الصحيحة الواردة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الحافظ ابن كثير والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم وان كان الخطاب معهم هو الصحيح (1) (سنده) حدثنا اسود بن عامر حدثنا جرير قال سمعت الحسن قال قال الزبير بن العوام الخ (تخريجه) رواه الهيثمي وقال رواه أحمد باسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح يعني الطريق الأولى واورده أيضا الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام أحمد ثم قال قد رواه البزار من حديث مطرف عن الزبير وقال لا نعرف مطرفا روى عن الزبير غير هذا الحديث (قلت) وروى النسائي وابن جرير الطريق الثانية منه من طريق الحسن أيضا (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر قال وأخبرني عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله تعالى وإذ يمكر بك الخ (3) (التفسير) لما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ونصره يوم بدر على كفار مكة ذكره مكر قريش به حين كان بمكة ليشكر نعمة الله في نجاته من مكرهم واستيلائه عليهم فقال عز من قائل (و) اذكر يا محمد (إذ يمكر بك الذين كفروا) وقد اجتمعوا للمشاورة في شأنك بدار الندوة (ليثبتوك) أي يوثقوك بالحيال ويحبسوك وقد اشار بذلك أبو البختري بن هشام (أو يقتلوك) كلهم قتلة رجل واحد أشار بذلك أبو جهل (أو يخرجوك) من مكة وقد أشار بذلك هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي (ويمكرون) بك (ويمكر الله) بهم بتدبير أمرك بأن أوحى الله إليك ما دبروه وأمرك بالخروج (والله خير الماكرين) أي أعلمهم به (4) أي بواسطة جبريل عليه السلام فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه واذن الله عز وجل له بالخروج إلى المدينة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يبيت في مضجعه وقال له اتشح ببردتي فإنه لن يخلص اليك منهم أمر تكرهه ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ قبضة من تراب وأخذ الله عز وجل أبصارهم عنه فخرج وجعل ينثر التراب على رءوسهم وهو يقرء (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا - إلى قوله فهم لا يبصرون) ومضى إلى الغار من ثور هو وأبو بكر وخلفه علي بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس وكانت الودائع تودع عنده لصدقه وأمانته وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في أبواب

الصفحة 151