كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[سبب عدم وجود البسملة في أول سورة التوبة]-
وإلى براءة وهي من المئين (1) فقرنتم بينهما ولم يكتبوا، قال ابن جعفر (2) بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يأتي عليه الزمان (3) ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده (4) بقول ضعوا هذه السورة التي يذكر فيها كذا وكذا: وينزل عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (5) وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة وبراءة من آخر القرآن (6) فكانت قصتها شبيهة بقصتها (7) فقبض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولم يبين لنا أنها منها (8) وظنت أنها منها (9) فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم (10) قال ابن جعفر ووضعتها في السبع الطوال (11)
__________
جعلت مبادي والتي تليها مثاني (وقوله وإلى براءة) هي سورة التوبة وهي أشهر أسمائها ولها أسماء أخرى تزيد على العشرة قاله الحافظ (1) أي ذوات مائة آية، قال في مجمع بحار الأنوار أول القرآن السبع الطول ثم ذوات المثين أي ذوات مائة آية ثم المثاني ثم المفصل اهـ والمئين جمع مائة، ولو قلت مئات جاز (2) هو أحد رجال السند الثاني لهذا الحديث يعني أنه قال ولم تكتبوا بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم الخ (3) أي الزمان الطويل لم ينزل عليه شيء، وربما يأتي عليه الزمان (ينزل عليه) بصيغة المجهول (4) أي يكتب الوحي كزيد بن ثابت ومعاوية وغيرهما (5) يستفاد من هذا أن ترتيب الآيات توقيف وعليه الإجماع والنصوص المترادفة، وأما ترتيب السور فمختلف فيه (6) تقدم الكلام على ذلك في باب آخر ما نزل من سور القرآن وآياته في هذا الجزء ص 54 (7) يعني قصة براءة شبيهة بقصة الأنفال ويجوز العكس، ووجه كون قصتها شبيهة بقصتها أن في الأنفال ذكر المهود وفي براءة تبذها فضمت إليها (8) أي لم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التوبة من الأنفال أو ليست منها (9) معناه ظن أن التوبة من الأنفال وكأن هذا مستند من قال إنهما سورة واحدة فعند أبي يعلى عن مجاهد وابن أبي حاتم عن سفيان وابن لهيعة كانوا يقولون إن براءة من الأنفال، ولهذا لم تكتب البسملة بينهما مع اشتباه طرقهما، وعن ابن عباس لم تكتب البسملة في براءة لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف: وعن مالك أن أولها لما سقط سقطت معه البسملة، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها، وقيل إنها ثابتة أولها في مصحف ابن مسعود ولا يعول على ذلك كذا في المرقاة (10) أي لعدم العلم بأنها سورة مستقلة لأن البسملة كانت تنزل عليه صلى الله عليه وسلم للفصل ولم تنزل ولم أكتب (11) يعني أن ابن جعفر زاد في روايته أن عثمان قال ووضعتها في السبع الطوال (قال الطيبي) دل هذا الكلام على أنهما نزلتا منزلة سورة واحدة وكمل السبع الطوال بها، ثم قيل السبع الطوال هي البقرة وبراءة وما بينهما وهو المشهور (تخريجه) (د نس مذ حب ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي إسناده يزيد الفارسي ذكره البخاري في كتاب الضعفاء الصغير لاشتباهه في اسمه هل هو ابن هرمز أو غيره، وقال الترمذي بعد قوله هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس: قال ويزيد الفارسي هو من التابعين من أهل البصرة اهـ (قلت) وحيث أنه انفرد بهذا الحديث فلا يحتج به في ترتيب القرآن الذي يطلب فيه التواتر، لا سيما وقد قال الخطيب في كتاب الكفاية لا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم

الصفحة 155