كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله عز وجل {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} الخ السورة]-
حتى قضى الله تعالى: فلذلك قال الله تعالى {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} وليس تخليفه إيانا (1) وأرجاؤه أمرنا مما خلفنا بتخلفنا عن الغزو، وإنما هو عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.
(باب لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم إلى آخر السورة) (عن عباد بن عبد الله بن الزبير) (2) قال أتى الحارث بن خزمة (3) بهاتين الآيتين من آخر براءة {لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم} (4) إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال من معك على هذا (5) قال لا أدري والله إني أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتها وحفظتها فقال عمر أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة (6) فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها فوضعتها في آخر براءة
__________
آخره همزة: أي أخره (1) (وليس تخليفه إيانا) هذه الجملة إلى آخر الحديث جاءت هكذا في المسند، وجاءت عند الشيخين (وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه) وعبارة الشيخين أظهر، والمعنى يقول كعب في قوله تعالى {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} ليس معناه أنهم تخلفوا عن الغزو، بل معناه أنه أخر النظر في أمرهم عمن حلف واعتذر وقبل اعتذاره (تخريجه) قال القسطلاني وقد أخرج المؤلف رحمه الله (يعني البخاري) حديث غزوة تبوك وتوبة الله على كعب في عشرة مواضع مطولا ومختصرا وسبق بعضها وباقي منها إن شاء الله تعالى في الاستئذان والأحكام (وأخرجه مسلم) في التوبة (وأبو داود في الطلاق وكذا النسائي والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا علي بن بحر حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه) (3) قال الحافظ في تعجيل المنفعة الحارث بن خزمة بن عدي أبو خزمة الأنصاري، ويقال أبو خزيمة، قال الطبري خزمة بالتحريك ويقال ابن خزيمة يكنى أبا بشر، شهد بدرا وأحدا وما بعدها: مات بالمدينة سنة أربعين وله سبع وستون سنة وهو الذي جاء بناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ضلت بتبوك (4) سيأتي تفسير الآية في الحديث التالي (5) أي من يشهد معك على أن هذا من القرآن، والظاهر أن عمر رضي الله عنه قال له ذلك من باب الملاطفة وإلا فإن عمر قد سمعها أيضا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الحديث (6) لنا تعقيب على هذه الجملة وما بعدها الخ الحديث سيأتي في التخريج (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وبقية رجاله ثقات اهـ: وكذلك أورده الحفظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ولم يتكلم واحد منهما في تعليله بشيء مع أن هذا الحديث معلول سندا ومتنا (أما السند) فلأن عباد بن عبد الله ابن الزبير لم يدرك قصة جمع القرآن فهو منقطع، ولأنه لم يرو هذه القصة عن الحارث بن خزمة بل أرسل القصة إرسالا، ولأن في إسناده محمد بن إسحاق ثقة لكنه مدلس إذا عنعن لا يحتج بحديثه وقد عنعن في هذا الحديث (وأما المتن) فلأن قوله (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها) يفيد أن ترتيب السور ووضع الآيات كانت بإرادة الصحابة، وهذا يخالف المتواتر وما جاء في الأحاديث الصحيحة من أن القرآن بلغه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته سرورا معروفة متصلة وآيات مرتبة معروفة الوضع (وقوله في المتن فوضعتها في آخر براءة) يفهم منه أن الذي وضعها هو الحارث بن خزمة مع أنه لم يكن ممن عهد إليه يجمع القرآن (والصحيح) ما جاء عند الإمام أحمد والبخاري والترمذي وغيرهم