كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله عز وجل {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}]-
(سورة يونس) (باب للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) (عن صهيب) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا يا أهل الجنة إن لكم موعدا عند الله لم تروه (2) فقالوا وما هو؟ ألم تبيض وجوهنا وتزحزحنا عن النار (3) وتدخلنا الجنة؟ قال يكشف الحجاب فينظرون إليه (4) فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم منه (5) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} (6) (باب لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (عن عبادة بن الصامت) (7) أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت قول الله تبارك وتعالى {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} (8) فقال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي أو أحد قبلك: قال تلك
__________
عن يونس بن عبيد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (باب) (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا حما بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب (يعني ابن سنان) الخ (غريبه) (2) أي بقى شيء زائد مما وعده الله لكم من النعم (وفي رواية مسلم) يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم (3) أي تنجينا من دخولها، قال الطيبي رحمه الله تقرير وتعجيب من أنه كيف يمكن الزيادة على ما أعطاهم الله تعالى من سعة فضله وكرمه (4) لفظ مسلم فينظرون إلى وجه الله عز وجل، والظاهر أن المراد بالحجاب حجاب النور الذي وقع في حديث أبي موسى عند مسلم ولفظه (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلفه) وفي رواية لمسلم أيضا والإمام أحمد وتقدمت في أول باب عظمة الله تعالى وكبريائه الخ في الجزء الأول صحيفة 38 رقم 10 بلفظ (حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره) والحجاب أصله في اللغة المنع والستر، وحقيقة الحجاب إنما تكون للأجسام المحدودة والله تعالى منزه على الجسم والحد فالمراد هنا المانع من رؤيته، وسمى ذلك المانع نورا أو نارا لأنهما يمنعان من الإدراك في العادة لشعاعهما وقد ظهر من نصوص الكتاب والسنة أن الحالة المشار إليها في هذا الحديث هي في دار الدنيا المعدة للفناء دون دار الآخرة المعدة للبقاء، والحجاب في هذا الحديث وغيره يرجع إلى الخلق لأنهم هم المحجوبون عنه (5) أي من النظر إلى ربهم عز وجل (6) (التفسير) {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} يخبر الله عز وجل أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح الحسنى في الدار الآخرة كقوله تعالى {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} وقوله (وزيادة) على تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وزيادة على ذلك أيضا، ويشمل ما يعطيهم الله في الجنة من القصور والحور والرضا عنهم وما أخفاه لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته وقد روى في تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن جمهور الصحابة منهم أبو بكر وحذيفة وعبد الله بن عباس، ومن التابعين منهم سعيد بن المسيب وعطاء والضحاك والحسن وغيرهم من السلف والخلف، وقد وردت فيه أحاديث كثيرة صحيحة منها حديث الباب وغيره كثير (تخريجه) (م مذ، وغيرهما) (باب) (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبان حدثني يحيى (يعني ابن أبي كثير) عن أبي سلمة عن عبادة بن الصامت الخ (8) (التفسير) أول الآية {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}