كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير قوله عز وجل {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم} الخ]-
الرؤيا الصالحة (1) يراها الرجل الصالح (وفي لفظ يراها المسلم) أو ترى له (عن عطاء بن يسار) (2) عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء قال أتاه رجل فقال ما تقول في قول الله عز وجل {لهم البشرى في الدنيا وفي الآخرة} قال لقد سألت عن شيء ما سمعت أحدا سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بشراهم في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وبشراهم في الآخرة الجنة (3) (باب قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل)
__________
يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم بهم فكل من كان تقيا كان لله وليا: قيل هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة، أو هم الذين تولى الله هداهم بالبرهان الذي آتاهم فتولوا القيام بحقه والرحمة يخلقه، أو هم المتحابون في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها كما جاء في ذلك أحاديث ستأتي في أبواب الحب في الله من قسم الترغيب (لا خوف عليهم) يعني في الآخرة إذا خاف غيرهم (ولا هم يحزنون) يعني على كل شيء فاتهم من نعيم الدنيا ولذاتها، قال بعض المحققين زوال الخوف والحزن عنهم إنما يجعل لهم في الآخرة لأن الدنيا لا تخلو من غم وهم وحزن، وقال بعض العارفين إن الولاية عبارة عن القرب من الله ودوام الاشتغال بالله، وإذا كان العبد بهذه الحالة لا يخاف من شيء مولا يحزن على شيء لأن مقام الولاية والمعرفة منعه من أن يخاف أو يحزن، وأما قوله سبحانه وتعالى {الذين آمنوا وكانوا يتقون} فقد تقدم تفسيرها وأنه صفة لأولياء الله، وقوله عز وجل {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} اختلف العلماء في هذه البشرى، فقيل هي الرؤيا الصالحة: مستدلين بحديث الباب وبحديث أبي الدرداء الآتي بعده، وقيل المراد بالبشرى في الحياة الدنيا هي الثناء الحسن وفي الآخرة الجنة ويدل على ذلك ما روى عن أبي ذر قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل العمل في الخير ويحمده الناس عليه؟ قال تلك عاجل بشرى المؤمن أخرجه مسلم وغيره، وروى ابن جرير بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) قال في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له، وهي في الآخرة الجنة، وقال الزهري وقتاة في تفسير البشرى هي نزول الملائكة بالبشارة من الله عند الموت، ويدل عليه قوله تعالى {تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} وقال عطاء عن ابن عباس البشرى في الدنيا عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشارة، وفي الآخرة بعد خروج نفس المؤمن يعرج بها إلى الله تعالى ويبشر برضوان الله تعالى وقال الحسن هي ما بشر الله به المؤمنين في كتابه من جنته وكريم ثوابه ويدل عليه قوله تعالى {لا تبديل لكلمات الله} يعني لا خلف لوعد الله (ذلك هو الفوز العظيم) يعني ما وعدهم به في الآخرة (1) الرؤيا الصالحة أو الحسنة أو الصادقة هي ما فيه بشارة أو تنبيه عن غفلة وأمثال ذلك (يراها الرجل الصالح) أو المسلم كما في الرواية الأخرى وهي أعم أي يراها لنفسه (أو ترى) بصيغة المجهول أي يراها مسلم آخر أي لأجله (تخريجه) (مذ طل جه) وابن جرير الطبري وسكت عنه الترمذي، قال الحافظ وحديث عبادة هذا أخرجه أيضا ابن ماجه وصححه الحاكم ورواته ثقات إلا أن أبا سلمة لم يسمعه من عبادة والله أعلم (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن عطاء بن يسار الخ (غريبه) (3) هذا الحديث صريح في أن بشرى الدنيا الرؤيا الصالحة وبشرى الآخرة الجنة (تخريجه)