كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قصة غرق فرعون وقومه وعدم قبول إيمانه]-
(عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال فرعون (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) (2) قال لي جبريل يا محمد لو رأيتني وقد أخذت حالا من حال البحر قدسيته في فيه مخافة أن تناله الرحمة (وعنه من طريق ثان) (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل كان
__________
(مذ طل) وقال الترمذي هذا حديث حسن اهـ (قلت) وفي سنده رجل من أهل مصر غير معروف وإنما حسنه الترمذي لكثرة طرقه والله أعلم (1) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (2) (التفسير) أول الآية {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) عبرنا بهم (فأتبعهم) لحقهم وأدركهم (فرعون وجنوده) يقال تبعه إذا أدركه، ولحقه وأتبعه بالتشديد إذا سار خلفه واقتدى به، وقيل هما واحد (بغيا وعدوا) أي ظلما واعتداءا، وقيل بغيا في القول وعدوا في الفعل، وكان البحر قد انفلق لموسى وقومه فلما وصل فرعون بجنوده إلى البحر هابوا دخوله فتقدمهم جبريل على فرس وديق (هي التي تشتهي الفجل) وخاض البحر فاقتحمت الخيول خلفه فلما دخل أخرهم وهم أوهم أن يخرج انطبق عليهم الماء (حتى إذا أدركه الغرق) أي غمره الماء وقرب هلاكه قال (آمنت أنه) قرأ حمزة والكسائي إنه بكسر الألف أي آمنت وقلت إنه، وقرآ الآخرون أنه بالفتح أي آمنت بأنه (لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) قال ابن عباس لم يقبل الله إيمانه عند نزول العذاب به وقد كان في مهل، قال العلماء إيمانه غير مقبول، وذلك أن الإيمان والتوبة عند معاينة الملائكة والعذاب غير مقبولين، ويدل عليه قوله تعالى: فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا، وقيل إن فرعون كان من الدهرية المنكرين لوجود الصانع الخالق سبحانه وتعالى، فلهذا قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل. فلم ينفعه ذلك لحصول الشك في إيمانه، ولما رجع فرعون إلى الإيمان والتوبة حين أغلق بأيهما بحضور الموت ومعاينة الملائكة قيل له (آلان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) يعني الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها وآثرت دنياك الفانية على الآخرة الباقية. قيل القائل له الآن وقد عصيت الخ هو جبريل ثم دس في فيه من حمأ البحر أي من طينه كما جاء في الحديث (قال لي جبريل يا محمد لو رأيتني وقد أخذت حالا من حال البحر (أي من طينه الأسود) فدسيته في فمه (يعني في فم فرعون) مخافة أن تناله الرحمة) قال ابن عباس وغيره من السلب أن بعض بني إسرائيل شكوا في موت فرعون فأمر الله تعالى البحر في أن يلقيه بجسده سويا بلا روح، ولهذا قال تعالى (فاليوم ننجيك) أي نر فمك على نجوة من الأرض، وهو المكان المرتفع ليتحققوا موته وهلاكه (ببدنك) قال الحسن بجسم لا روح فيه، وقال عبد الله بن شداد سويا صحيحا أي لم يتمزق لتيحققوه ويعرفوه، وقال أبو صخر بدرعك: وكان له درع مشهور مرصع بالجواهر فرأوه في درعه فصدقوا موسى (لتكون لمن خلفك آية) عبرة وعظة (وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل الخ (قلت) وقوله رفعه أحدهما القائل ذلك هو الشعبي يريد أن أحد الراويين وهما عدي بن ثابت وعطاء بن السائب لم يرفعه