كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله عز وجل {ويسبح الرعد بحمده} وكلام العلماء في ذلك]-
(باب قوله عز وجل ويسبح الرعد بحمده) (عن ابن عباس) (1) قال أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم أنا نسألك عن خمسة أشياء فذكر الحديث، وفيه قالوا أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيداه وفي يده مخراق من نار (2) يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله، قالوا فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال صوته، قالوا صدقت
__________
(إنما أنت منذر ولكل قوم) هاد قال وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال أنا المنذر ولكل قوم هاد وأومأ بيده إلى منكب علي فقال أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي، قال الحافظ ابن كثير وهذا الحديث فيه نكارة شديدة، وقد جمع الإمام ابن جرير في تفسيره بين هذه الأقوال فقال معنى الهداية إنه الإمام المتبع الذي يقدم القوم، فإذا كان ذلك فجائز أن يكون ذلك هو الله الذي يهدي خلقه ويتبع خلقه هداه ويأتمون بأمره ونهيه، وجائز أن يكون نبي الله الذي تأتم به أمته، وجائز أن يكون إماما من الأئمة يأتم به ويتبع منهاجه وطريقته أصحابه، وجائز أن يكون داعيا من الدعاة إلى خير أو شر وإذا كان ذلك كذلك فلا قول أولى في ذلك بالصواب من أن يقال كما قال جل ثناؤه إن محمدا هو المنذر من أرسل إليه بالإنذار وأن لكل قوم هاديا يهديهم فيتبعونه ويأتمون به والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد والطبراني في الصغير والأوسط ورجال المسند ثقات اهـ، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لابن أبي حاتم فقط وغفل عن عزوه للمسند، أو لم يطلع عليه والله أعلم (باب) (1) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من كان عدوا لجبريل رقم 165 صحيفة 73 من هذا الجزء وهو حديث صحيح ورواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح غريب: وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة قوله تعالى في هذه السورة {ويسبح الرعد بحمده} وأول الآية قوله عز وجل {هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال، ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال} (التفسير) (هو الذي يريكم البرق) يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق وهو ما يرى من النور اللامع ساطعا من خلل السحاب (خوفا وطمعا) قيل خوفا من الصاعقة وطمعا في نفع المطر، وقيل الخوف المسافر يخاف منه الأذى والمشقة، والطمع المقيم يرجو منه البركة والمنفعة وقيل الخوف من المطر في غير مكانه وإبانة، والطمع إذا كان في مكانه وإبانه، ومن البلدان ما إذا أمطروا قحطوا وإذا لم يمطروا خصبوا (وينشئ السحاب الثقال) بالمطر أي ويخلقها منشأة جديدة وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة إلى الأرض، قال مجاهد السحاب الثقال الذي فيه الماء (ويسبح الرعد بحمده) كقوله تعالى {وإن من شيء إلا يسبح بحمده، والرعد هو الصوت الذي يسمع من السحاب قال علي وابن عباس وأكثر المفسرين الرعد اسم ملك يسوق السحاب، والبرق لمعان سوط من نور يزجر به الملك السحاب وقيل الصوت زجر السحاب، وقيل تسبيح الملك، وقيل صوت انهراق الريح بين السحاب، قال البغوي والأول أصح يعني قول علي وابن عباس وهو الموافق لحديث الباب، (2) (مخراق من نار) هو المعبر عن هنا في قول علي وابن عباس (بسوط من نور) وسواء كان من نار أو نور فالمراد به الضوء، روى عن ابن عباس أنه قال من سمع صوت الرعد فقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو