كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله عز وجل {ويسقى من ماء صديد}]-
(سورة إبراهيم) (باب قوله عز وجل ويسقى من ماء صديد الخ) (عن أبي أمامة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {ويسقى من ماء صديد يتجرعه} (2) قال يقرب إليه فيتكرهه
__________
على كل شيء قدير فإن إصابته صاعقة فعلي ديته (وعن عبد الله بن الزبير) عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك رواه (حم م) والبخاري في الأدب والنسائي في اليوم والليلة (وقال الأوزاعي) كان ابن أبي زكريا يقول من قال حين يسمع الرعد سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة (وعن عبد الله بن الزبير) أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض: رواه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب (والملائكة من خيفته) أي تسبح الملائكة من خيفة الله عز وجل وخشيته، وقيل أراد بهؤلاء الملائكة أعوان الرعد جعل الله تعالى له أعوانا فهم خائفون خاضعون طائعون (ويرسل الصواعق) جمع صاعقة وهي نار تخرج من السحاب (فيصيب بها من يشاء) كما أصاب أربد بن ربيعة، قال محمد بن علي الباقر الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر (وهم يجادلون) أي يخاصمون (في الله) نزلت في شأن أربد بن ربيعة حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم مم ربك؟ أمن در أم من ياقوت أم من ذهب؟ فنزلت صاعقة من السماء فأحرقته (وهو شديد المحال) أي شديد الأخذ، وقال مجاهد شديد القوة، وقال أبو عبيدة شديد المقوية، وقيل شديد المكر والمحال (والمماحلة) المماكرة والمغالبة والله أعلم. (سورة إبراهيم)
(باب) (1) (سنده) حدثنا علي بن إسحاق أنا عبد الله أنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله ابن يسر عن أبي أمامة الخ (2) (التفسير) أول الآية وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا) بخبر الله تعالى عم توعدت به الأمم الكافرة رسلهم من الإخراج من أرضهم والنفي من بين أظهرهم كما قال قوم شعيب له ولمن أمن به لتخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا الآية، وكما قال قوم لوط: أخرجوا آل لوط من قريتكم الآية، وقال تعالى أخبارا عن مشركي قريش، وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها الآية، وقال تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (أو لتعودن في ملتنا)} يعنون إلا أن ترجعوا أو حتى ترجعوا إلى ديننا {فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم} أي بعد هلاكهم {ذلك لمن خاف مقامي} أي قيامه بين يدي كما قال: ولمن خاف مقام ربه جنتان: فأضاف قيام العبد إلى نفسه كما تقول ندمت على ضربك أي على ضربي إياك (وخاف وعيد) أي عقابي (واستفتحوا) قال مجاهد وقتادة يعني الرسل وذلك أنهم لما يئسوا من إيمان قومهم استنصروا الله ودعوا على قومهم بالعذاب كما قال نوح: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا: وقال موسى ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم الآية: (وخاب) خسر وقيل هلك (كل جبار عنيد) الجبار الذي يجبر الخلق على مراده: والعنيد المعاند للحق ومجانبه (من روائه جهنم) أي أمامه كقوله تعالى: وكان وراءهم ملك أي أمامهم، قال أبو عبيدة هو من الأضداد، وقال مقاتل من ورائه جهنم أي بعده (ويسقى من ماء صديد) أي من ماء هو صديد، وهو ما يسل من أبدان الكفار من القيح والدم، وقال محمد بن كعب ما يسيل من فروج الزناة يسقاه الكافر (يتجرعه) أي يتحساه ويشربه لا بمرة واحدة بل جرعة جرعة لمرارته

الصفحة 186