كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله عز وجل {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين}]-
قال على الصراط (1) (سورة الحجر) (باب ولقد علمنا المستقدمين منكم الخ) (عن ابن عباس) (2) قال كانت امرأة حسناء تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكان بعض القوم يستقدم في الصف الأول لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصف
__________
الأرض) المشاهدة (غير الأرض والسماوات) والتبديل قد يكون في الذات كما في بدلت الدراهم بالدنانير، وقد يكون في الصفات كما في بدلت الحلقة خاتما والآية تحتمل الأمرين، وبالثاني قال الأكثر أي وتبدل السموات غير السموات لدلالة ما قبله عليه على الاختلاف الذي مر، وتقديم تبديل الأرض لقربانها ولكون تبديلها أعظم أثرا بالنسبة إلينا كما أخرج مسلم وغيره من حديث ثوبان قال جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظلمة دون الجسر، وأخرج مسلم وغيره من حديث عائشة فذكر. حديث الباب وفيه فقلت أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال على الصراط، وللإمام أحمد عن عائشة أيضا أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات: قالت قلت فأين الناس يومئذ؟ قال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي، ذاك إذ الناس على جسرهم، قال في فتح البيان والصحيح على هذا إزالة عين هذه الأرض (وأخرج البزار) وابن المنذر والطبراني في الأوسط والبيهقي وابن عساكر وابن مردويه عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله: يوم تبدل الأرض غير الأرض: قال أرض بيضاء، كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام، ولم يعمل بها خطيئة، قال البيهقي والموقوف أصح، وفي الباب رواايت وقد روى نحوها ذلك عن جماعة من الصحابة، وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي (قلت) قال النووي العفراء العين المهملة والمد بيضاء إلى حمرة والنقي بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء هو الدقيق الحوري وهو الدرمك وهو الأرض الجيدة قال القاضي كأن النار غيرض بياض وجه الأرض إلى الحمرة اهـ قال في فتح البيان وقد أطال القرطبي في بيان ذلك في تفسيره وفي تذكرته، وحاصله أن هذه الأحاديث نص في أن الأرض والسماوات تبدل وتزال ويخلق الله أرضا أخرى تكون عليها الناس بعد كونهم على الجسر وهو الصراط لا كما قال كثير من الناس أن تبديل الأرض عبارة عن تغيير صفاتها وتسوية آكامها ونسف جبالها ومد أرضها، ثم قال وذكر شبيب بن إبراهيم في كتاب الإفصاح إنه لا تعارض بين هذه الآثار وأنهما تبدلان كسرتين إحداهما هذه الأولى قيل نفخة الصعق، والثانية إذا وقفوا في المحشر وهي أرض عفراء من فضة لم يسفك عليها دم حرام ولا جرى عليها ظلم، ويقوم الناس على الصراط على متن جهنم، ثم ذكر في موضع آخر من التذكرة ما يقتضي أن الخلائق وقت تبديل الأرض تكون في أيدي الملائكة رافعين لهم عنها اهـ والله أعلم (وبرزوا) أي خرجوا من قبورهم (لله الواحد القهار) الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد (1) قال الحافظ وعند مسلم من حديث ثوبان مرفوعا يكونون في الظلمة دون الجسر وجمع بينهما البيهقي بأن المراد بالجسر الصراط وأن في قوله على الصراط مجاز لكونهم يجاوزونه لأن في حديث ثوبان زيادة يتعين المصير إليها لثبوتها وكأن ذاك عند الزجرة التي تقع عند نقلهم من أرض الدنيا إلى أرض الموقف، ويشير إلى ذلك قوله تعالى {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم} اهـ (تخريجه) (م مذ جه).
(باب) (2) (سنده) حدثنا سريج حدثنا نوح بن قيس عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء