كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[تفسير {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الخ وسبب إسلام عثمان بن مظعون]-
مستقبله فبينما هو يحدثه إذا شخص (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فنظر ساعة إلى السماء فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض فتحرف (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره وأخذ ينغض (3) رأسه كأنه يستفقه (4) ما يقال له وابن مظعون ينظر فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له شخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما شخص أول مرة فأتبعه بصره حتى توارى في السماء فأقبل إلى عثمان بجلسته الأولى قال يا محمد فيم كنت أجالسك وآتيك ما رأيتك تفعل كفعلك الغداة، قال وما رأيتني فعلت؟ قال رأيتك تشخص ببصرك إلى السماء ثم وضعته حيث وضعته على يمينك فتحرفت إليه وتركتني فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئا يقال لك، قال وفطنت لذلك؟ قال عثمان نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني رسول الله (5) آنفا وأنت جالس قال رسول الله؟ قال نعم، قال فما قال لك؟ قال {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون} (6) قال عثمان (7) فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمدا صلى الله عليه وسلم (عن عثمان بن العاص) (8) قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذا شخص ببصره ثم صوبه حتى كاد أن يلزقه بالأرض
__________
ضحك في وجهه وباسطه (1) أي نظر (2) أي انحرف بالفاء (3) بكسر الغين المعجمة أي يحركه ويميل إليه (4) أي يستفهم (5) يعني جبريل عليه السلام وقوله آنفا بمد الهمزة أي قريبا (6) (التفسير) (إن الله يأمر بالعدل) بالإنصاف في كل شيء (والإحسان) إلى الناس، وعن ابن عباس العدل التوحيد والإحسان أداء الفرائض، وعنه أيضا الإحسان الإخلاص في التوحيد وذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه) وقال مقاتل العدل والتوحيد والإحسان العفو عن الناس (وإيتاء ذي القربى) صلة الرحم (وينهى عن الفحشاء) ما قبح من القول والفعل، وقال ابن عباس الزنا (والمنكر) ما لا يعرف في شريعة ولا سنة (والبغي) الكبر والظلم، وقال ابن عيينة العدل استواء السر والعلانية، والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته، والفحشاء والمنكر أن تكون علانيته أحسن من سريرته (يعظكم لعلكم تذكرون) لعلكم تتعظون، قال ابن مسعود أجمع آية في القرآن هذه الآية، وقال أيوب عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم على الوليد إن الله يأمر بالعدل إلى آخر الآية فقال له يا ابن أخي أعد فعاد عليه فقال إن له والله لحلاوة وإن عليه لطلاوة. وإن أعلاه لمثمر. وإن أسفله لمغدق. وما هو بقول البشر. (7) عثمان هو ابن مظعون بن حبيب الجمحي من المهاجرين الأولين السابقين إلى الإسلام أسلم بمكة بعد ثلاثة عشر رجلا وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة وشهد بدرا ثم مات عقبة في سنة اثنين من الهجرة، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين وأول من دفن بالبقيع منهم، أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لبنته زينب حين ماتت (الحقي بسلفنا الصالح الخير عثمان بن مظعون) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني، وشهر وثقه أحمد وجماعة وفيه ضعف لا يضر وبقية رجاله ثقات اهـ وأورده أيضا الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده ومتنه وعزاه للإمام أحمد وقال إسناد جيد متصل حسن قيد بين فيه السماع المتصل، ورواه ابن أبي حاتم من حديث عبد الحميد بن بهرام مختصرا (8) (سنده) حدثنا أسود

الصفحة 191