كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله عز وجل {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} الآية]-
قال ثم شخص ببصره فقال أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة (1) {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} (باب وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) الآية (ز) (عن أبي بن كعب) (2) قال لما كان يوم أحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستة (وفي رواية وحمزة فمثلوا (3) بقتلاهم) فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنربين عليهم (4) فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف لا قريش بعد اليوم، فنادى مناد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الأسود والأبيض إلا فلانا وفلانا سماهم (5) فأنزل الله تبارك وتعالى {وإن عاقبتم (6) فعاقبوا بمثل ما قوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} فقال
__________
ابن عامر ثنا هريم عن ليث عن شهر بن حوشب عن عثمان بن أبي العاص الخ (1) فيه دلالة على أن وضع آيات القرآن وترتيبها في سورها كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمر توقيفي لا مجال للرأي فيه، (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن (باب) (ز) (2) (سنده) حدثنا أبو صالح هدية بن عبد الوهاب المروزي ثنا الفضل بن موسى عيسى بن عبيد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (3) أي مثل الكفار بالذين أصيبوا من الأنصار والمهاجرين يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه والاسم المثلة فأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة (نه) (4) من الإرباء أي لنزيدن ولنضاعفن عليهم في التمثيل (5) جاء في حديث سعد عند النسائي قال لما كان يوم فتح مكة من الرسول صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل. ومقيس بن صبابة. وعبد الله بن سعد بن أبي السرح الحديث (6) (التفسير) (وإن عاقبتم) أيها المؤمنون م ظلمكم واعتدى عليكم (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) أي فعاقبوا الذي ظلمكم بمثل الذي نالكم به ظالمكم من العقوبة لا تزيدون شيئا، وهذه الآية لها أمثال في القرآن فإنها مشتملة على مشروعية العدل والندب إلى الفضل كما في قوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها: ثم قال فمن عفا وأصلح فأجره على الله}: وقال في هذه الآية وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به: ثم قال {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} أي ولئن عفوتم لهو خير للعافين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نصبر ولا نعاقب، قال ابن عباس والضحاك كان هذا قبل نزول براءة حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال من قاتله ومنع من الابتداء بالقتال، فلما أعز الله الإسلام وأهله نزلت براءة وأمروا بالجهاد ونسخت هذه الآية، قال النخعي والثوري ومجاهد وابن سيرين الآية محكمة، نزلت فيمن ظلم بظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال الظالم منه، أمر بالجزاء والعفو ومنع من الاعتدء ثم قال عز من قائل {واصبر وما صبرك إلا بالله} تأكيدا للأمر بالصبر وإخبارا بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته وحوله وقوته ثم قال (ولا تحزن عليهم) أي على من خالفك فإن الله قدر ذلك (ولا تك في ضيق) أي غم (مما يمكرون) أي مما يجهدون أنفسهم في عداوتك وإيصال الشر إليك فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك بهم {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} أي معهم بتأييده ونصره ومعونته وهديه (تخريجه) (نس مذ حب طب ك هق)