كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى {وما منعنا أن نرسل بالآيات} وقوله {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك} الخ]-
رسول الله صلى الله عليه وسلم نصبر ولا نعاقب (سورة الإسراء) (باب وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون) (عن ابن عباس) (1) قال سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا (2) وأن ينحى الجبال عنهم فيزدرعوا، فقيل له إن شئت أن تستأنثى بهم (3) وإن شئت أن تؤتيهم الذين سألوا فإن كفروا هلكوا كما أهلكت من قبلهم (4) قال لا بل استأنى بهم (5) فأنزل الله عز وجل هذه الآية {وما منعنا أن نرسل بالآيات (6) إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة) (باب وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة الناس) (عن عكرمة) (7) عن ابن عباس في قوله عز وجل {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (8) قال هي رؤيا
__________
وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من حيث أبي بن كعب اهـ (قلت) وصححه الحكم وأقره الذهبي وهو من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه رحمهما الله (باب) (1) (سنده) حدثنا عثمان بن محمد (قال عبد الله بن الإمام أحمد) وسمعته أنا من حدثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) أي طلبوا أن يحول لهم بل الصفا الموجود بمكة من حجر إلى ذهب (وأن ينحى الجبال عنهم) أي يزيلها من أماكنها (فيزدرعوا) أي فيزرعوا مكانها (3) أي تنتظر وتتربص، يقال أنيت وتأنيت واستأنيت (4) يعني مثل قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم (5) إنما اختار ذلك صلى الله عليه وسلم رحمة بهم ورجاء إسلام كثير منهم (6) (التفسير) {وما منعنا أن نرسل بالآيات} أي التي سألها كفار قولك (إلا أن كذب بها الأولون) أي فأهلكناهم فإن لم يؤمن قومك بعد إرسال الآيات أهلكناهم، لأن من سنتنا في الأمم إذا سألوا الآيات ثم لم يؤمنوا بعد إتيانها إن تهلكهم ولا نمهلهم، وقد حكمنا بإمهال هذه الأمة إلى يوم القيامة: ثم ذكر من تلك الآيات التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها فأهلكوا فقال تعالى {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} أي آية بينة وذلك لأن آثار إهلاكهم في بلاد العرب قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم (فظلموا بها) أي جحدوا بها من عند الله وعقروا الناقة، وقيل فظلموا أنفسهم بتكذيبها فعاجلناهم بالعقوبة (وما نرسل بالآيات) المقترحة (إلا تخويفا) أي وما نرسل بالآيات يعني العبر والدلالات إلا تخريفا أي إنذارا بعذاب الآخرة إن لم يؤمنوا، فإن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يرجعون (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (باب) (7) حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس الخ (8) (التفسير) الأكثرون من المفسرين على أن المراد من الرؤيا ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من العجائب والآيات وقد فسرها ابن عباس في حديث الباب بأنها رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به، وجاء كذلك في صحيح البخاري أيضا وكان يقال لابن عباس حبر الأمة والبحر لكثرة علمه. دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة، وثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ضم ابن عباس إلى صدره وقال اللهم علمه الكتاب، وقال ابن مسعود نعم الترجمان القرآن ابن عباس، وجاء في الطريق الثانية من حديث ابن عباس أيضا قال شيء أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة رآه بعينه حين ذهب إلى بيت المقدس وهو قول سعيد بن جبير والحسن ومعروف وقتادة ومجاهد وعكرمة وابن جريج وغيرهم، والعرب