كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[كلام العلماء في تفسير قوله تعالى {وما جعلنا الرؤيا} الخ والتحقيق أنها كانت بصرية]-
عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به (وعنه من طريق ثان) (1) قال كان ابن عباس يقول (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) شيء أريه (3) النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة رآه بعينه حين ذهب به إلى بيت المقدس (باب وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (عن أبي هريرة (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} (؛) قال تشهده
__________
تقول رأيت بعيني رؤية ورؤيا، فلما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس أنكر بعضهم ذلك وكذبوا أفكانت فتنة للناس وازداد المخلصون إيمانا (1) (سنده) حدثنا روح حدثنا زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة يقول كان ابن عباس الخ (2) بضم الهمزة وكسر الراء من الإراءة ولم يصرح بالمرثى، وفي قوله في اليقظة نفي لقول من قال إنها رؤيا منامية، بل جاء في سنن سعيد بن منصور عن سفيان في آخر الحديث قال وليست رؤيا منام، ومع هذه الحجج الواضحة فقد (ذهب قوم) إلى أن رؤيا الإسراء كانت منامية، وحجتهم في ذلك أنه يقال في البصرية رؤية وفي المنامية روؤيا، وقد جاء القرآن بلفظ رؤيا، واستدل القائلون بأنها بصرية بحديث ابن عباس أعني حديث الباب، وفيه رد صريح على من أنكر مجيء المصدر من رأى البصرية على رؤيا كالحريري وغيره، وبمن استعمل الرؤيا في اليقظة المتنبي في قوله (ورؤياك أحلى في العيون من الغمض) وأبلغ من ذلك في الرد عليهم قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام. فلو كان مناما لم يكن فيه كبير شيء ولم يكن مستعظما ولم تبادر كفار قريش إلى تكذيبه ولا ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم، وأيضا فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد، وقد قال تعالى {أسرى بعبده ليلا} (وقام قوم) أسرى بروحه دون جسده وهو ضعيف لقوله تعالى {ما زاغ البصر وما طغى} والبصر من آلات الذات لا الروح، وأيضا فإنه حمل على البراق وهو دابة بيضاء كما جاء عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما في حديث الإسراء عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس الحديث، والركوب لا يكون إلا للجسد لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه (وقال قوم) إنها الرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في النوم عام الحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه فجعل المسير إلى مكة قبل الأجل فصده المشركون فرجع إلى المدينة فكان رجوعه في ذلك العام بعدما أخبر أنه يدخلها فتنة لبعضهم ثم دخل مكة في العام المقبل وأنزل الله عز وجل {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} ويدفع هذا قول ابن عباس في حديث الباب هي رؤيا العين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به، وقصارى القول إن ما ذهب إليه ابن عباس ومن وافقه هو الصواب والله أعلم (تخريجه) (خ نس مذ حب ك).
(باب) (3) (سنده) حدثنا أسباط قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (4) أول الآية {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} (التفسير) (أقم الصلاة، لدلوك الشمس) روى عن ابن مسعود أنه قال الدلوك الغروب، وهو قول النخعي ومقائل والضحاك والسدى، وقال ابن عباس وابن عمرو جابر هو زوال الشمس، وهو قول عطاء وقتادة ومجاهد والحسن وأكثر التابعين، ومعنى اللفظ

الصفحة 194