كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير قوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس} إلى قوله (مقاما محمودا وكلام العلماء في ذلك]-
ملائكة الليل وملائكة النار (باب عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (وعنه أيضا) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} (2) قال هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه (باب وقل رب أدخلني مدخل صدق) الآية (عن ابن عباس) (3) قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بمكة ثم أمر بالهجرة وأنزل عليه
__________
يجمعهما لأن أصل الدلوك الميل والشمس تميل إذا زالت وإذا غربت، والحمل على الزوال أولى القولين لكثرة القائلين به، وإذا حملناه عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها: فدلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر (إلى غسق الليل) أي ظهور ظلمته وقال ابن عباس بدو الليل، وهذا يتناول المغرب والعشاء (وقرآن الفجر) معطوف على الصلاة أي وأقم قرآن الفجر يعني صلاة الفجر، سمى الصلاة قرآنا لأنها لا تجوز إلا بقرآن {إن قرآن الفجر كان مشهودا} أي يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار كما جاء في حديث الباب، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار (يعني حفظة الأعمال) ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بكم كيف تركتم عبادي فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون (رواه حم ق نس) وتقدم في باب فضل صلاتي الصبح والعصر من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 221 رقم 59 (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه (مذ نس جه) ثلاثتهم عن عبيد بن أسباط بن محمد عن أبيه به وقال الترمذي حسن صحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد قال ثنا داود الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (2) أول الآية {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} (التفسير) (ومن الليل فتهجد به) أي قم بعد نومك، والتهجد لا يكون إلا بعد القيام من النوم، يقال تهجد إذا قام بعد ما نام، وهجد إذا نام (قال الإمام البغوي) في تفسيره والمراد في الآية قيام الليل للصلاة، وكانت صلاة الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم في الابتداء وعلى الأمة لقوله تعالى {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا} ثم نزل التخفيف فصار الوجوب منسوخا في حق الأمة بالصلوات الخمس وبقى الاستحباب، قال تعالى {فاقرءوا ما تيسر منه} وبقى الوجوب في حق النبي صلى الله عليه وسلم (نافلة لك) أي زيادة لك يريد فريضة زائدة على سائر الفرائض التي فرضها الله عليك، وذهب قوم إلى أن الوجوب صار منسوخا في حقه كما في حق الأمة فصارت نافلة، وهو قول مجاهد وقتادة لأن الله تعالى قال نافلة لك ولم يقل عليك (فإن قيل) فما معنى التخصيص وهي زيادة في حق المسلمين كافة كما في حقه صلى الله عليه وسلم (قيل) التخصيص من حيث أن نوافل العبادة كفارة لذنوبهم والنبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكانت نوافله زيادة في رفع الدرجات (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) أي افعل هذا الذي أمرتك به لتقيمك يوم القيامة مقاما محمودا يحمدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم تبارك وتعالى، قال ابن جرير قال أكثر أهل التأويل ذلك هو المقام المحمود يقومه محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم اهـ (قلت) ستأتي أحاديث الشفاعة في باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى من كتاب قيام الساعة والله الموفق (تخريجه) (مذ) وابن جرير في تفسيره وحسنه الترمذي (باب) (3) (سنده) حدثنا جرير عن قابوس عن