كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[تفسير قوله تعالى {وقل رب أدخلني مدخل صدق} وقوله {ويسألونك عن الروح}]-
(وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) (1) (باب ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي الآية) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (2) قال قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل (3) فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت {ويسألونك عن الروح (4) قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قالوا أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا قال فأنزل الله عز وجل {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر} (عن عبد الله) (5) قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم
__________
ابن عباس الخ (1) (التفسير) {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} قال الحسن البصري في تفسير هذه الآية أن كفار أهل مكة لما ائتمروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه فأراد الله قتال أهل مكة أمره أن يخرج إلى المدينة فهو الذي قال الله عز وجل {وقل رب أدخلني الخ الآية} وقال قتادة {وقل رب أدخلني مدخل صدق} يعني المدينة وأخرجني مخرج صدق يعني مكة، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد أسلم، قال الحافظ ابن كثير وهذا القول هو أشهر الأقوال وأصحها وهو اختيار ابن جرير {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} قال مجاهد حجة بينة، وقال الحسن ملكا قويا تنصرني به على من ناوأني وعزا ظاهرا أقيم به دينك، فوعده الله لينزعن ملك فارس والروم وغيرهما فيجعله له، قال قتادة علم نبي الله أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان نصير فقال سلطانا نصيرا لكتاب الله وحدوده وإقامة دينه (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وأقر تصحيح الترمذي (باب) (2) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا عن داود عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) أي النبي صلى الله عليه وسلم (4) (التفسير) {ويسألونك عن الروح} الأكثر على أنهم سألوه عن حقيقة الروح الذي في الحيوان، وقيل عن جبريل، وقيل عن عيسى، وقيل عن القرآن، وقيل عن خلق عظيم روحاني، وقيل غير ذلك، والراجح الأول يعني روح الإنسان فقد أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه القضية أنهم قالوا في الروح وكيف يعذب الروح الذي في الجسد وإما الروح من الله؟ فنزلت الآية: قاله الحافظ (قل الروح من أمر ربي) تكلم العلماء والحكماء والصوفية في ناحية الروح بكلام كثير وأقوال متعددة، وأولى الأقاويل أن يوكل علمه إلى الله عز وجل وهو قول أهل السنة، وقال عبد الله بن بريدة أن الله عز وجل لم يطلع على الروح ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا بدليل قوله قل الروح من أمر ربي أي من علم ربي الذي استأثر به (وما أوتيتم من العلم) أي من علم ربي (إلا قليلا) أي في جنب علم الله عز وجل والخطاب عام، وقيل هو خطاب لليهود فإنهم كانوا يقولون أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا كما جاء في حديث الباب، فقيل لهم أن علم التوراة قليل في جنب علم الله وأنزل الله عز وجل {قل لو كان البحر} أي ماؤه (مدادا) هو ما يكتب به (لكلمات ربي) الدلالة على حكمه وعجائبه بأن تكتب به (لنفد البحر) في كتابتها، وبقية الآية (قبل أن تنفذ) قرئ بالتاء والياء أي تفرغ (كلمات ربي ولو جئنا بمثله) أي البحر (مدادا) أي زيادة لم تفرغ هي (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح، قال الحافظ بعد ذكر هذا الحديث في الفتح رجاله رجال مسلم وهو عند ابن إسحاق من وجه آخر عن ابن عباس نحوه (5) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال

الصفحة 196