كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[تابع قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]-
أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام ليس في الغلمان غلام أنظف يعنى منه فأخذه فقتله فنفر موسى عليه السلام عند ذلك وقال {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا (1) قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال فآخذته ذمامة (2) من صاحبه واستحى فقال {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا) حتى إذا أتيا أهل قرية {لاما استطعما أهلها} وقد أصاب موسى عليه السلام جهد فلم يضيفوهما {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} قال له موسى مما نزل بهم من الجهد {لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك} فأخذ موسى عليه السلام بطرف ثوبه فقال حدثني، فقال {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر وكان وراءهم ملك (3) يأخذ كل سفينة غصبا} فإذا مر عليها فرآها منخرقة تركها ورقعها أهلها بقطعة خشبة فانتفعوا بها، وأما الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقى عليه محبة من أبويه ولو أطاعاه لأرهقهما طغيانا وكفرا (4)} فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} (5) ووقع أبوه على أمه فعلقت فولدت منه خيرا منه زكاة (6) وأقرب رحما، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة (7) وكان تحته كنز لهما
__________
على وقيل لا تكلفني مشقة، يقال أرهقته عسرًا أي كلفته فذلك، يقول لا تضيق على أمري وعاملني باليسر ولا تعاملني بالعسر (1) أي منكرًا قال قتادة النكر أعظم من الإمر لأنه حقيقة الهلاك، وفي خرق السفينة كان خوف الهلاك (2) بفتح الذال المعجمة أي استحياء لتكرار مخالفته، زاد المسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا المكان. رحمه الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل لرأي العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة (3) فيه حذف ولفظ القرآن يعملون في البحر فأردت أن عيبها وكان ملك الخ (4) أي حملهما عليهما وألحقهما بهما والمراد بالطغيان هنا الزيادة في الضلال (5) أي ويكون المبدل منه أقرب منه عطفًا ورحمة بأبويه بأن يبرعما ويشفق عليهما (6) تقدم الكلام على الذي ولدته في شرح الحديث السابق (7) (تفسير هذه الآية) قال الإمام البغوي في تفسيره كان اسم الغلامين أضرهم وصريم (وكان تحته كنز لهما) اختلفوا في ذلك الكنز روى عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كان ذهبًا وفضة، وقال عكرمة كان مالًا، وعن سعيد بن جبير كان الكنز صحفًا فيها علم، وعن ابن عباس أنه قال لوحًا من ذهب مكتوب فيه عجبًا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبًا لمن أبقى بالحساب كيف يغفل، عجبًا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، عجبًا لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، عجبًا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي الجانب الآخر مكتوب أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي خلقت الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه، وهذا قول أكثر المفسرين، وروى ذلك مرفوعًا، قال الزجاج الكنز إذا أطلق يتصرف إلى كنز المال، ويجوز عند التقييد أ، يقال عنده كنز علم وهذا اللوح كان جامعًا لهما (وكان أبوهما صالحا) قيل كان اسمه كاشح وكان من الآتقياء. قال بن عباس حفظا بصلاح أبيهما، وقيل كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة أباه: قال محمد ابن المنكدر أن الله يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده وعترته وعشيرته وأهل دويرات حوله، فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم، وقال سعيد بن المسيب أني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي (فأراد

الصفحة 206