كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير قوله عز وجل (وإن منكم إلا واردها) وكلام العلماء في ذلك]-
فانتهرها فقالت حفصة وإن منكم إلا واردها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد قال الله عز وجل ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) (عن أبي سمية) (3) قال اختلفنا في الورود فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا يدخلونها جميعا ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقلت له إنا اختلفنا في ذلك الورود فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا يدخلونها جميعا فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه وقال صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها (4) فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم حتى إن للنار أو قال لجهنم ضجيجا من بردهم: ثم ينجي الله الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) عن شعبة عن السدى عن مُرَّة عن عبد الله 349 (يعني ابن مسعود) (وإن منكم إلا واردها) قال يدخلونها أو يلجونها ثم يصدرون منها بأعمالهم: قلت له إسرائيل حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ (6) قال نعم هو عن النبي صلى الله عليه وسلم أو كلا ما هذا معناه (7)
__________
عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وكانت بالحديبية وكان المبايعون وأربعمائة وقيل خمسمائة وبايعوا على الموت وعلى أن لا يفروا، وسيأتي تفصيل ذلك في الغزوات إن شاء الله تعالى (1) قال النووي أما قول حفصة بلى وانتهار النبي صلى الله عليه وسلم لها فقالت وان منكم إلا واردها فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال ثم ننجي الذين اتقوا، فيه دليل للمناظرة والاعتراض والجواب على وجه الاسترشاد وهو مقصود حفصة لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه وسلم، والصحيح أن المراد بالورود في الآية على الصراط وهو جسر منصوب على جهنم فيقع فيها أهلها وينجوا الآخرون (2) (التفسير) اختلف العلماء في معنى الورود فقيل الدخول وهو مروي عن علي وابن عباس والجمهور، فتكون على المؤمنين الطائعين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم، وصحح النووي أن المراد بالورود في الآية المرور على الصراط، وهو قول الحسن وقتادة، وقيل غير ذلك والله أعلم (كان على ربك حتمًا مقضيًا) أي كان ورود جهنم قضاءًا لازمًا قضاه الله تعالى عليكم (ثم ننجي الذين اتقوا) أي الشرك وهم المؤمنون (ونذر الظالمين فيها جثيا) أي جميعا وقيل جاثين على الركب، احتج بهذا القائلون بأن معنى الورود الدخول لأنه قال ونذر: ولم يقل وندخل ومذهب أهل السنة أن صاحب الكبيرة قد يعاقب بقدر ذنبه ثم ينجو لا محالة، وقالت المرجتة الخبيثة لا يعاقب لأن المعصية لا تضر مع الإسلام عندهم، وقالت المعتزلة يخلد العاصي، وكلا المذهبين فاسد حجوج بالأدلة القاطعة وهي معلومة لا نطيل بذكرها والله أعلم (تخريجه) (م) (3) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب ثنا غالب بن سليمان أبو صالح عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سمية الخ (غريبه) (4) هذا نص صريح في أن المراد بالورود الدخول وهو حجة للقائلين بذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات قال ولجابر في الصحيح في الورود شيء موقوف غير هذا (5) (حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي الخ) (غريبه) (6) معناه ان عبد الرحمن بن مهدي قال لشعبه إن إسرائيل روى هذا الحديث عن السدى مرفوعًا إلى النبس صلى الله عليه وسلم (7) يعني أن شعبه اعترف برفعه، أما حديث إسرائيل المشار إليه فقد رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن السدى عن مرة عن عبد الله (وان منكم إلا واردها) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد الناس النار كلهم ثم يصدرون عنها بأعمالهم (زاد الترمذي*