كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وفضل العشر الآيات من أول سورة (المؤمنون)]-
قال فعرف أنه سيكون قتال، قال ابن عباس هي أول آية نزلت في القتال (1) (سورة المؤمنون) 355 (باب قوله عز وجل قد أفلح المؤمنون الآيات) (عن عبد الرحمن بن القارئَّ) (2) سمعت عمر بن الخطاب يقول كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يُسمع عند وجهه دوّي (3) كدومي النحل فمكثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: اللهم زدنا (4) ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا (5) ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا، ثم قال لقد أنزلت على عشر آيات من أقامهن (6) دخل الجنة ثم قرأ علينا (قد أفلح المؤمنون (7)
__________
يقاتلون المشركين، قال المفسرون كان مشركوا أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزالون محزونين من بين مضروب ومشجوج ويشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لهم أصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وهي أول آية أذن الله فيها بالقتال (بأنهم ظلموا) يعني بسبب ما ظلموا واعتدوا عليهم بالإيذاء (وأن الله على نصرهم لقدير) فيه وعد من الله بنصر المؤمنين ولا يخلف الله وعده فقد كان ذلك وانتصر المؤمنون (1) قال العوفي عن ابن عباس نزلت في محمد وأصحاب حين أخرجوا من مكة، وقال مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف كابن عباس ومجاهد وعروة بن الزبيبر وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة وغيرهم هذه أول أية نزلت في الجهاد، واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السور مدنية (تخريجه) (نس مذك) وابن جرير وابن حاتم وحسنة الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرني يونس بن سُليم قال أملي على يونس بن يزيد ألابلي عن ابن شهاب عن عروة بن الزبر عن عبد الرحمن بن عبد القاري الخ (غريبه) (3) بفتح الدال المهملة وكسر الواو وتشديد الياء أي سمع قرب وجهه دوى مثل دوى النحل والدوى صوت لا يفهم منه شيء، وهذا الصوت هو صوت جبريل عليه السلام يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي لا يفهم الحاضرون من صوته شيئًا (4) أي من الخير والترقي وكثرنا (ولا تنقصنا) أي خيرنا ومرتبتنا وعددنا، قال الطيبي عطفت هذه النواهي على الأوامر للمبالغة والتأكيد، وحذف المفعولات للتعميم (5) بمد الهمزة من الإيثار أي اخترنا برحتمك وإكرامك وعنايتك (ولا تؤثر علينا) غيرنا بلطفك وحمايتك وقيل لا تسلط علينا أعداءنا (6) أي حافظ وداوم عليهن وعمل بهن (دخل الجنة) أي دخولا أوليا (التفسير) (قد أفلح المؤمنون) أي قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح. قال ابن عباس قد سعد المصدقون بالتوحيد وبقوا في الجنة وقيل الفلاح البقاء والنجاة (الذين هم في صلاتهم خاشعون) قال ابن عباس مخبتون أذلاء خاضعون وقيل خائفون، وقيل متواضعون، وقيل الخشوع من أفعال القلب كالخوف والرهبة، وقيل هو من أفعال الجوارح كالسكوت وترك الالتفات وغض البصر، وقيل لابد من الجمع بين أفعال القلب والجوارح وهو الأولى: وقيل الخشوع في الصلاة هو جمع الهمة والإعراض عما سوى الله والتدبير فيما يجري على لسانه من القراءة والذكر (والذين عن اللغو معرضون) قال ابن عباس عن الشرك وقيل عن المعاصي؛ وقيل هو كل باطل ولهو ومالا يحمل من القول والفعل، وقيل هو معارضة الكفار بالشتم والسب (والذين للزكاة فاعلون) أي الزكاة الواجبة مؤدون فعبر عن التأدية بالفعل لأنها فعل (والذين هم

الصفحة 214