كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير العشر الآيات من أول سورة (المؤمنون) وقوله تعالى (والذين يؤتون ما آتوا) الآيتين]-
حتى ختم العشر (1) (باب والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة الآية) (عن إسماعيل المكي) (2) قال حدثني أبو خلف مولى بن يجميح أنه دخل مع عبيد بن عمير (3) 356 على عائشة أم المؤمنين في سفينة زمزم ليس في المسجد ظل غيرها فقالت مرحبا وأهلا بأبي عاصم تعني عبيد بن عمير، ما يمنعك أن تزورنا أو تلم بنا؟ فقال أخشى أن أمَّلك، فقالت ما كنت لتفعل، قال جئت أريد أن أسألك عن آية في كتاب الله عز وجل كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها؟ فقالت أية آية؟ فقال (الذين يؤتون ما آتوا (أو) الذين يؤتوا ما أتوا) (4) فقالت أيتهما أحب
__________
لفروجهم حافظون) الفروح اسم لسوءة الرجل والمرأة وحفظه التعفف عن الحرام (إلا على أزواجهم) على بمعنى من (أ, ما ملكت أيمانهم) يعني الإماء والجوارى، والآية في الرجال خاصة لأن المرأة لا يجوز لها أن تتمتع بفرج مملوكها (فأنهم غير ملومين) يعني بعدم حفظ فرجه من أمرأته وأمته فأنه لا يلام على ذلك، وأمما لا يلام فيما إذا كان على وجه أذن فيه الشرع دون الإتيان غير المأني وفي حال الحيض والنفاس فأنه محظور ومن فعله فأنه ملوم (فمن ابتغى وراء ذلك) أي النمس وطلب سوى الأزواج والولائد وهن الجوارى المملوكة (فأولئك هم العادون) أي الظالمون المجاوزون الحد من الحلال والحرام (والذين لأمانتهم وعهدهم راعون) أي حافظون يحفظون ما ائتمنوا عليه والعقود التي عاقدوا الناس عليهم يقومون بالوفاء بها وألا كانت (فمنها) ما يكون بين العبد وبين الله تعالى كالصلاة والصوم وغسل الجنابة وسائر العبادات التي أوجبها الله تعالى على العبادات التي أوجبها الله تعالى على العباد فيجب الوفاء بجميعها (ومنها) ما يكون بين العباد كالودائع والصنائع والأسرار وغير ذلك فيجب الوفاء بجميعها (والذين هم على صلواتهم يحافظون) أي يداومون ويراعون أوقاتها أركانها وركوعها وسجودها وسائر شروطها (فإن قلت) كيف كرر ذكر الصلاة أولًا وأخرا (قلت) هما ذكران مختلفان مكررا، وصفهم أولًا بالخشوع في الصلاة وآخرا بالمحافظة عليها (أولئك) يعني أهل هذه الصفة (هم الوارثون) يعني يرثون منازل أهل النار من الجنة، وقيل معنى الوراثة هو أن يؤول أمرهم إلى الجنة وينالوها كما يؤول أمر الميراث إلى الوارث (الذين يرثون الفردوس) هو أعلى الجنة، وثبت في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سألتم الله الجنة فأسالوه الفردوس فأنه أعلا الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة نسأل الله أن ليوفقنا للعمل بهذه الآيات: وإن يجعلنا من أهل الفردوس في أعلى الجنات (1) يعني الآيات العشرة التي تقدم تفسيرها (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد والترمذي والنسائي وأورده أيضًا الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لعبد الرازق وعيد بن حميد وابن المنذر والعقيلي والبيهقي في الدلائل وأيضًا في المختارة والحديث جاء في المستدرك للحاكم وصححه وأقره الذهبي (باب) (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا صخر بن جويرية قال ثنا إسماعيل المكي الخ (غريبه) (3) قال في التقريب عبيد بن عمير بن قتادة الليثي أبو عاضم المكي ولد عهد النبي صلى الله عليه وسلم قاله مسلم وعده غيره في كبار التابعين وكان قاص أهل مكة مجمع على ثقته مات قبل ابن عمر (4) (التفسير) (الذين يؤتون ما أتوا) يريد السائل أنها يمد الهمزة أو بقصرها، وبقية الآية (وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) وقد فسر الإمام البغوي رواية المد بقوله