كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[كلام علماء القراءات في مد الهمزة وقصرها من قوله تعالى (والذين يؤتوا ما أتوا)]-
إليك؟ قال قلت والذي نفسي بيده لإحداهما أحب إلي من الدنيا جميعًا أو الدنيا وما فيها، قالت آيتهما؟ قلت (الذين يؤتون ما أتوا) قالت أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرؤها (1) وكذلك أنزلت، أو قالت أشهد لكذلك أنزلت وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤ، ولكن الهجاء حرف (عن سعيد بن وهب) (2) عن عائشة رضي الله عنها أنها قال يا رسول الله في هذه الآية (3) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) يا رسول الله هو الذي يسرق ويزني يشرب الخمر (4) وهو يخاف الله قال لا يا بنت أبى بكر يا بنت الصديق، ولكنه الذي يصلي
__________
أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقات، قال وروى عن عائشة أنها كانت تقرأ (والذين يؤتون ما أتوا) يعني بالقصر أي يعملون ما عملوا من أعمال البر أهـ وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (والذين يؤتون ما آتوا) (بمد الهمزة) أي يعطون العطاء (وقلوبهم وجلة) أي وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط وكما قال الإمام أحمد، وذكر الحديث التالي أعني حديث سعيد بن وهب عن عائشة مؤيدًا به رواية المد ثم قال وهكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي والحسن البصري في تفسير هذه الآية، قال وقد قرأ آخرون هذه الآية (والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة) يعني بالقصر أي يفعلون ما يفعلون وهم خائفون قال وروى هذا مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأها كذلك (يعني بالقصر) ثم ذكر حديث الباب، قال والمعنى على القراءة الأولى (يعني قراءة المد) قال وهي قراءة الجمهور السبعة وغيرهم أظهر لأنه قال (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون فجعلهم من السابقين ولو كان المعنى على القراءة الأخرى لأوشك أن لا يكونوا من السابقين بل من المقتصدين أو المقصرين والله أعلم أهـ (أنهم إلى ربهم راجعون) أي لأنهم يوثقون أنهم يرجعون إلى الله عز وجل (أولئك يسارعون في الخيرات) يبادرون إلى الأعمال الصالحة (وهم لها سابقون) أي إليها سابقون كقوله تعالى لما نهوا أي إلى ما نهوا، وقال ابن عباس في معنى هذه الآية سبقت لهم من الله السعادة، وقال الكلى سبقوا الأمم إلى الخيرات (1) تعني بالقصر قال الإمام ابن جرير في تفسيره وكأنها تأولت في ذلك والذين يفعلون ما يفعلون من الخيرات وهم وجلون كالذي يذنب الذنب وهو وجل منه (قلت) وهذه القراءة أعني قراءة القصر حديثها ضعيف وتخالف ما اتفق عليه جمهور القراء من قراءة المد، قال الإمام ابن جرير وعلى هذه القراءة أعني على (والذين يؤتون ما آتوا) بلمد قراءة الأمصار وبه رسوم مصاحفهم وبه نقرأ لإجماع الحجة من القراء عليه ووفاقه خط مصاحف المسلمين والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الحافظ الهيثمي وعزاه للإمام أحمد فقط ثم قال: فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف، وكذلك قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، وعلى هذا فلا يحتج به والله أعلم (3) جاء عند الترمذي قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية) والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة الخ (4) هذا ما كانت تفهمه عائشة أولا أن الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وقلبه وجل داخل في هذه الآية، فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم أنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل يعني يخاف أن لا تقيل منه لآتهم