كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله عز وجل (ولا يأتل أولوا الفض منكم) الآية وتفسيرها]-
عَلِمْتِ أو ما رأيت أو ما بلغك؟ قالت يا رسول الله احمي سمعي وبصري (1) والله ما علمت إلا خيرًا،
قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني (2) من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله عز وجل
__________
بهتان عظيم) أي كذب عظيم يبهت ويحيَّر من عظمه، وروى أن أم أبي أيوب الأنصاري قال لأبي أيوب ما بلغك ما يقول الناس في عائشة؟ فقال سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت الآية على وفق قوه (يعظكم الله) قال ابن عباس يحرم الله عليكم، وقيل ينهاكم الله (أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله كم الآيات) أي في الأمر والنهي (والله عليم) أي بأمر عائشة وصفوان (حكيم) أي حكم ببراءتهما (إن الذين يحبون أن تشيه الفاحشة) أي يظهر الزنا ويذيع (في الذين آمنوا) قيل الآية مخصوصة من قذف عائشة والمراد بالذين آمنوا عائشة وصفوان، وقيل الآية على العموم فكل من أحب أن تشيع الفاحشة أو تظهر على أحد فهو داخل في حكم هذه الآية، والمراد الذين أمنوا جميع المؤمنين (لهم عذاب أليم في الدنيا) يعني الحدود والذم على فعله (والآخرة) أي وفي الآخرة لهم النار (والله يعلم) كذبهم وبراءة عائشة وما خاضوا فيه من سخط الله (وأنتم لا تعلمون) وقيل معناه يعلم ما في قلب من يحب أن تشيع الفاحشة فيجازيه على ذلك وأنتم لا تعلمون (ولولا فضل الله عليكم ورحمته) أي لولا أنعامه عليكم لعاجلكم بالعقوبة، قال ابن عباس يريد مسطحًا وحسان ن ثابت وحمنة (وأن الله رءوف) حيث أظهر براءة المقذوف وأثاب (رحيم) بغفرانه جناية القاذف إذا تا (قوله عز وجل) (ولا يأتل) أي ولا يحلف من الآليّة وهي القسم وقرأ أو جعفر ولا يتأل بتقديم التاء وتأخير الهمزة وهو يتفعل من الآلية وهي القسم (أولوا الفضل منكم والسعة) يعني الغنى يريد أبى بكر رضي الله عنه (أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سيل الله) يعني مسطحا وكان مسكينًا مهاجرًا بدريًا ابن خالة أبى بكر حلف أو كر أن لا نفق عليه (وليعفوا وليصفحوا) أي عما تقدم منهم من الإساءة والأذى في حق عائشة، وهذا من حلمه تعالى وكمه ولطفه خلقه مع ظلمهم لأنفسهم (قال الحافظ ابن كثير) وهذه الآية نزلت في الصديق رضي الله عنه حين حلف أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة ابدًا عد ما قال في عائشة ما قال كما تقدم في الحديث، فلما أنزل الله براءة أم المؤمنين وطابت النفوس الآمنة واستقرت وتاب الله على من كان تكلم من المؤمنين في ذلك وأقيم الحد على من أقيم عليه، شرع تبارك وتعالى وله الفضل والمنة عطف الصديق على قريبه ونسيبه وهو مسطح ابن أثاثة فأنه كان ابنة خالة الصديق وكان مسكينًا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله وقد زلق زلقة تاب الله عليه منها وضرب الحد عليها، وكان الصديق رضي الله عنه معروفًا بالمعروف: له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب، فلما نزت هذه الآية إلى قوله (ألا تحبون أن يغفر الله لكم) الآية فإن الجزاء من جنس العمل فكما تغفر ذنب من أذن إليك يغف الله لك، وكما تصفح يصفح عنك فعند ذلك قال الصديق لي والله إنا نحب أن تغفر لنا يا ربنا، ثم جع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة وقال والله لا أنزعها منه أبدًا، في مقالة مت كان قال والله لا أنفعه بنافعة أبدًا، فلهذا كان الصديق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته (والله غفور رحيم) معناه اغفروا يُغفر كم (1) أي أصون سمعي وبصري من أن أقول سمعت ولم أسمع وأبصرت ولم أبصر (2) أي تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى الله عليه وسلم وهي