كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[تفسير قوله تعالى (أن الذين يرمون المحصنات) إلى قوله (لهم مغفرة ورزق كريم)]-
(سورة الفرقان) (باب والذين لا يدعون مع الله آله آخر) الآية (عن عبد الله) (1) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر (2) قال أن تجعل لله ندأ (3) وهو خلقك، قال ثم أي قال أن تقتل ولدك أم يطعم معك (4) قال ثم أي؟ قال أن تزانى جليلة جارك، قال قال عبد الله
__________
الحق المبين الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم) (التفسير) (أن الذين يرمون المحصنات) أي العفائف (الغافلات) أي عن الفاوحش والغافلة عن الفاحشة هي التي لا يقع في قلبها فعل الفاحشة، وكذلك كانت عائشة رضي الله عنها (المؤمنات) وصفها بالمؤمنات لعلو شأنها (لعنوا) أي عذبوا (في الدنيا) بالحد (والآخرة) أي وفي الآخرة بالنار (ولهم عذاب عظيم) هذا في حق عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق، وروى عن خصيف قال قلت لسعيد بن جبير من قذف مؤمنة يلعنه الله في الدنيا والآخرة؟ قال ذاك لعائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر المؤمنات ليس في ذلك توبة (يعني من قذفهن بعد نزول القرآن) ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرأ (والذين يمون المحصنات) إلى قوله تابوا فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة، وقيل لهم توبة أيضًا للآية (يوم تشهد عليهم ألسنتهم) هذا قبل أن يختم على أفواههم (وأيديهم وأرجلهم) يروى أنه يختم على الأفواه فتتكلم الأيدي والأرجل بما عملت في الدنيا وهو قوله (بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) أي جزاءهم الواجب وقيل حسابهم العدل (ويعلمون أن الله هو الحق المبين) أي الموجود الظاهر الذي بقدرته وجود كل شيء، وقيل معناه يبين لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا، وقال ابن عباس وذلك أن عبد الله بن أبي بن سلول كان يشك في الدين فيعلم يوم القيامة أن الله هو الحق المبين (الخبيثات للخبيثين) قال أكثر المفسرين يعني الخبيثات من القول تقال (للخبيثين) من الناس ومثله (والخبيثون) أي من الناس يتعرضون (للخبيثان) من القول (والطيبات) أي من القول كذلك ومعنى الآية أن الخبيث من القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس والطيب من القول لا يليق إلا بالطيب من الناس، وعائشة لا يليق بها الخبيث من القول لأنها طيبة فيضاف إليها طيب القول من الثناء والمدح وما يليق بها وقيل معناه لا يتكلم بالخبيث إلا الخبيث من الرجال والنساء، وهذا ذم للذين قذفوا عائشة، ولا يتكلم بالطيب من القول إلا الطيب من الرجال والنساء، وهذا مدح الذين بدءوها بالظهارة والمدح لها، وقيل معنى الآية الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء أمثال عبد الله ابن أبي المنافق والشاكين في لدين والطيبات من النساء (للطيبين والطيبون للطيبات) يريد عائشة طيبها الله لرسول صلى الله عليه وسلم (أولئك مبرءون) يعني عائشة وصفوان ذكرهما الله بلفظ الجمع منزهون (مما يقولون) يعني أصحاب الأفك (لهم مغفرة) أي عفو لذنوبهم (ورزق كريم) يعني الجنة (تخريجه) (ابن جرير) وسنده جيد (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود الخ) (غريبة) (2) جاء عند الترمذي أي الذنب أعظم، وعند البخاري أي الذنب عند الله أكبر (3) بكسر النون وتشديد الدال أي مثلًا ونظيرًا (وقوله وهو خلقك) الجملة حال من الله أو من فاعل أن تجعل وفيه إشارة إلى ما استحق به تعالى أن تتخذه ربا وتعبده فأنه خلقك، أو إلى مابه امتيازه تعالى عن غيرة في كونه إله، وإلى ضعف الند أي أن تجعل له ندا وقد خلقك غيره وهو لا يقدر على خلق شيء (4) أي من جهة إيثار نفسه عليه عند عدم ما يكفي أو من جهة البخل مع الوجدان (5) تزانى تفاعل وهو

الصفحة 223