كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[قوله تعالى {انك لا تهدى من أحببت} ونصيحة النبى (صلى الله عليه وسلم) لأبى طالب عند موته]-
(سورة القصص) (باب انك لا تهدى من أحببت) (عن ابى هريرة) (1) قال قال 370 رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمه قل لا اله الا الله اشهد (2) لك بها يوم القيامة، قال لولا ان تعيرنى (3) قريش يقولون انما حمله على ذلك الجزع (4) لا قررت بها عينك (5) فانزل الله عز وجل {انك لا تهدى من احببت} (6) (سورة العنكبوت) (باب وتأتون في ناديكم المنكر) (عن ابى صالح) (7) 371 مولى ام هانى (بنت ابى طالب) (رضى الله عنها) قال حدثنى ام هانى قالت لى سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قوله تعالى {وتأتون فى ناديكم المنكر} (8) قال كانوا يخذفون أهل الطريق ويسخرون
__________
ثم قال فى آخره انفرد باخراجه مسلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا يحيى عن يزيد يعنى ابن كيسان قال حدثنى أبو حازم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) اشهد بالجزم على أنه جواب قل وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف (3) من التعيير أى ينسبونى الى العار (4) بفتح الجيم والزاى هو نقيض الصبر (5) قال النووى أحسن ما يقال فيه ما قاله أبو العباس، قال معنى أقر الله عينه أى بلغه الله أمنيته حتى ترضى نفسه وتقر عينه فلا تستشرف لشئ، وقال الأصمعى معناه أبرد الله دمعته لأن دمعة الفرح باردة، وقيل معناه أراه الله ما يسره (6) (التفسير) {انك لا تهدى من أحببت} قال الحافظ ابن كثير يقول تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم) انك يا محمد {لا تهدى من أحببت} أى ليس إليك ذلك انما عليك البلاغ والله يهدى من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء} وقال تعالى {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} وهذه الآية أخص من هذا كله فإنه قال {انك لا تهدى من أحببت} أى أحببت هدايته وقيل أحببته لقرابته (ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) أى هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغراية (قلت) حديث أبى هريرة هذا يدل على أن أبا طالب مات على الكفر، وحديث سعيد بن المسيب عن أبيه عند الشيخين والامام أحمد، وتقدم فى تفسير قوله تعالى {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى} من سورة التوبة صريح فى ذلك، ففيه فقال أى عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج بها لك عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله ابن أمية أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شئ كلمهم به على ملة عبد المطلب فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) لأستغفرن لك ما لم أنه عنك: فنزلت فيه (انك لا تهدى من أحببت) أى نزلت فى أبى طالب عم النبى (صلى الله عليه وسلم) وقد كان يحوطه وينصره ويقوم فى صفه ويحبه حبًا شديدًا فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الايمان والدخول فى الاسلام فسبق القدر فيه واختطف من يده فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة التامة: على أن حبه للنبى (صلى الله عليه وسلم) لم يضع عليه بل نفعه نفعًا كبيرًا فقد جاء عند مسلم والامام أحمد وسيأتى فى باب وفاة أبى طالب من كتاب السيرة النبوية عن العباس ابن عبد المطلب أنه قال يا رسول الله عمك أبو طالب كان يحوطك ويفعل، قال إنه فى ضحضاح من نار ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل من النار، وستأتى أحاديث غير هذا فى هذا المعنى فى الباب المشار إليه والله أعلم (تخريجه) (م مذ. وغيرهما) (باب) (7) (سنده) حدّثنا حماد بن أسامة قال أخبرنى حاتم بن أبى صغيرة وروح قال ثنا حاتم بن أبى صغيرة قال ثنا سماك بن حرب عن أبى صالح الخ (8) هذه الجملة جزء من آية مرتبطة بآية قبلها وهى قوله عز وجل {ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون