كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)
-[تفسير قوله تعالى {ولوطا إذ قال لقومه انكم لتأتون الفاحشة} الآية قوله {الم غلبت الروم}]-
منهم فذاك المنكر الذى كانوا يأتون، قال روح (1) فذلك قوله تعالى {وتأتون فى ناديكم المنكر} 372 (سورة الروم) (باب الم غلبت الروم) (عن ابن عباس) (2) فى قول الله عز وجل {الم غلبت الروم} قال غُلبت (3) وغَلبت، قال كان المشركون يحبون ان تظهر فارس على الروم لأنهم اهل اوثان، وكان المسلمون يحبون ان تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبى بكر (4) فذكره ابو بكر لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) (5) فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اما انهم سيغلبون (6) قال فذكره ابو بكر لهم (7) فقالوا اجعل بيننا وبينك اجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وان ظهرتم كان لكم كذا وكذا (8) فجعل أجلا خمس سنين
__________
الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر} (التفسير) {ولوطا إذ قال لقومه انكم لتأتون الفاحشة} وهى اتيان الرجال {ما سبقكم بها من أحد من العالمين} أى لم يسبقهم الى هذه الفعلة أحد من بنى آدم قبلهم {انكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل} وذلك أنهم كانوا يفعلون الفاحشة بمن يمر بهم من المسافرين فترك الناس الممر بهم، وقيل تقطعون سبيل النسل بايثار الرجال على النساء {وتأتون فى ناديكم المنكر} النادى والندى والمنتدى مجلس القوم ومتحدثهم، وقد فسر النبى (صلى الله عليه وسلم) المنكر الذى كانوا يأتونه فى ناديهم يخذف أهل الطريق وأنهم يسخرون منهم، قال الامام البغوى وروى أنهم كانوا يجلسون فى مجالسهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصى فاذا مر بهم عابر سبيل خذفره فأيهم أصابه كان أولى به، وقيل انه كان يأخذ ما معه وينكحه ويغرمه ثلاثة دراهم ولهم قاض بذلك، وقال القاسم بن محمد كانوا يتضارطون فى مجالسهم، وقال مجاهد كان يجامع بعضهم بعضًا فى مجالسهم، وعن عبد الله بن سلام قال كان يبزق بعضهم على بعض، وعن مكحول قال كان من أخلاق قوم لوط مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء وحل الازار والخذف واللوطية (1) بفتح الراء وسكون الواو هو ابن عبادة أحد رجال السند يعنى فهذا معنى قوله تعالى {وتأتون فى ناديكم المنكر} (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاء للامام أحمد، ثم قال ورواه الترمذى وابن جرير وابن أبى حاتم من حديث أبى أسامة حماد بن أسامة عن أبى يونس القشيرة عن حاتم بن أبى صغيرة عن سماك أهـ (قلت) وأخرجه البغوى من هذا الطريق أيضًا والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدّثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو اسحاق عن سفيان عن حبيب بن أبى عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) بضم الغين المعجمة أى غلبت الروم أوّلا غلبتها فارس (وغلبت) بفتح المعجمة أى ثم غلبت الروم فارس آخرا (4) أى ذكر المشركون كفار مكة لأبى بكر أن كسرى ملك فارس بعث جيشًا الى قيصر ملك الروم فغلبت فارس الروم فشق ذلك على المسلمين وفرح به كفار مكة وقالوا للمسلمين انكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب (يعنى الروم) ونحن أميون وقد ظهر اخواننا من أهل فارس على اخوانكم من أهل الروم وانكم ان قاتلتمونا لنظهرن عليكم (5) أى فأنزل الله عز وجل {الم غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين- الى قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} (6) يعنى فارس (7) أى لكفار مكة قال لهم انكم فرحتم بظهور اخوانكم الفرس فلا تفرحوا فوالله لتظهرن الروم على فارس على ما أخبرنا بذلك نبينا فقام إليه أبى بن خلف الجحى فقال اجعل بيننا وبينك أجلا اله أى مدة (8) معناه إن ظهرت فارس