كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله عز وجل {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} وكلام العلماء فى سجدة التلاوة]-
(سورة السجدة) (باب تتجافى جنوبهم عن المضاجع) (عن معاذ بن جبل) (1) 376 عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} (2) قال قيام العبد من الليل
__________
جبل (إن الله عليم) بهذه الأشياء وبغيرها من علم الغيب (خبير) أى ببواطن الأشياء كلها ليس علمه محيط بالظاهر فقط بل علمه بالظاهر والباطن وبما كان وبما يكون، قال ابن عباس هذه الخمسة لا يعلمها ملك مقرب ولا نبى مصطفى، فمن ادعى انه يعلم شيئًا من هذه فانه كفر بالقرآن لأنه خالفه والله تعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجوه، وأورده أيضًا الهيثمى وقال رواه احمد والبزار ورجال احمد رجال الصحيح اهـ (قلت) وفى الباب عند الامام احمد والبخارى عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله (إن الله عنده علم الساعة الخ السورة (وللامام احمد أيضًا) قال حدثنا يحيى عن شعبة حدثنى عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال قال عبد الله (يعنى ابن مسعود) أوتى نبيكم مفاتيح كل شئ غير خمس (إن الله عنده علم الساعة الخ السورة وكذا رواه عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة وزاد فى آخره قال قلت له أنت سمعته من عبد الله؟ قال نعم أكثر من خمسين مرة (ورواه أيضًا) عن وكيع عن مسعر عم عمرو بن مرة به، قال الحافظ ابن كثير وهذا اسناد حسن على شرط السنن ولم يخرجوه (قلت) وروى الامام احمد أيضًا عن غندر عن شعبة عن عمرو بن محمد انه سمع أباه يحدث عن ابن عمر عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس: ان الله عنده علم الساعة الخ السورة والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل الخ (غريبه) (2) هذه الآية مرتبطة بالآية التى قبلها وهى قوله تعالى {انما يؤمن بآياتنا الذين اذا ذكروا بها خروا سجدًا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع الخ (التفسير) {انما يؤمن بآياتنا} أى انما يصدق بها {الذين إذا ذكروا بها} أى وعظوا بها {خروا سجدًا} أى سجدوا لله تواضعًا وخشوعًا على ما رزقهم من الاسلام واستمعوا لها وأطاعوها قولًا وفعلًا {وسبحوا بحمد ربهم} أى ونزهوا الله عما لا يليق به وأثنوا عليه حامدين له، قيل قالوا سبحان الله وبحمده {وهم لا يستكبرون} عن الايمان به والسجود له (عن أبى هريرة) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اذا قرا ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلتا أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلى النار، رواه (م حم) وتقدم فى باب فضل سجود التلاوة من كتاب الصلاة فى الجزء الرابع صحيفة 158 رقم 913 وهذه السجدة من عزائم سجود القرآن فتسن للقارى والمستمع وتقدم الكلام على حكمها وكلام الأئمة فى ذلك فى الباب المشار إليه (تتجافى) أى ترتفع وتنحى جنوبهم عن المضاجع، جمع مضجع وهو الموضع الذي يضطجع عليه يعنى الفرش، والمراد بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة، وهو قول الحسن ومجاهد، عن أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبى حازم وقتادة هو الصلاة بين العشاءين، وعن أنس أيضًا هو انتظار صلاة العتمة رواه ابن جرير باسناد جيد، وقال الضحاك صلاة العشاء فى جماعة وصلاة الغداة فى جماعة {يدعون ربهم خوفًا وطمعًا} قال ابن عباس خوفًا من النار وطمعًا فى الجنة {ومما رزقناهم ينفقون} قيل أراد به الصدقة المفروضة، وقيل بل هو عام فى الواجب والتطوع {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين} أي

الصفحة 231