كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله عز وجل {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} وتفسيرها]-
(باب ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر)
377 (ز) (عن ابى ابن كعب) (رضى الله عنه) (1) فى هذه الآية {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى (2)
__________
مما تقربه أعينهم فلا يلتفتون الى غيره، قال ابن عباس هذا مما لا تفسير له، وعن الحسن اخفى القوم أعمالًا فى الدنيا وأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت (وعن أبى هريرة) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرءوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين (ق حم) {جزاء بما كانوا يعملون} أى من الطاعات فى دار الدنيا (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد: وشهر لم يدرك معاذا وفيه ضعف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) ورواه (مذ نس جه) والامام احمد فى موضع آخر مطولًا من طرق عن معمر عن عاصم بن أبى النجود عن أبى وائل عن معاذ بن جبل، وقال الترمذى حسن صحيح اهـ وله شواهد كثيرة فى الصحيحين وغيرهما منها حديث أبى هريرة المتقدم ذكره، ومنها حديث سهل بن سعد الساعدى قال شهدت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مجلسًا وصف فيه الجنة حتى انتهى ثم قال فى آخر حديثه وفيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قرأ هذه الآية تتجافى جنوبهم عن المضاجع إلى قوله يعلمون: رواه مسلم ورواه أيضًا الامام احمد وسيأتى فى باب ذكر الجنة وأوصافها من كتاب قيام الساعة ان شاء الله تعالى والله الموفق (باب) (1) (ز) (سنده) حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريرى حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن عزرة عن الحسن العدبى عن يحيى بن الجزار عن ابن ابى ليلى عن أبى بن كعب الخ (2) (التفسير) هذه الآية مرتبطة بالآيات المتقدمة قبلها وهى قوله تعالى {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} أى لا يستوون عند الله يوم القيامة، وقد ذكر عطاء بن يسار والسدى وغيرهما أنها نزلت فى على بن أبى طالب والوليد بن عقبة بن أبى معيط أخى عثمان لأمه وذلك، أنه كان بينهما تنازع وكلام فى شئ فقال الوليد بن عقبة لعلى اسكت فانك صبى وأنا والله أنشط منك لسانا واحد سنانا واشجع منك جنانًا وأملًا منك حشوًا فى الكتيبة، فقال له علىّ اسكت فانك فاسق فأنزل الله تعالى {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} ولم يقل لا يستويان لأنه لم يرد مؤمنًا واحدًا وفاسقًا واحدًا بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين {أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى} التى يأوى اليها المؤمنون {نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا} أى خرجوا عن الطاعة {فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} قال الفضيل بن عياض والله إن الأيدى لموثقة وان الأرجل لمقيدة وان اللهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم {وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون} أى يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال ابن عباس يعنى بالعذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها رآفاتها وما يحل بأهلها مما يبتلى الله به عباده ليتوبوا، وهذا معنى قول أبىّ بن كعب فى الحديث (المصيبات) وروى مثله عن أبى العالية والحسن وابراهيم النخعى والضحاك وعلقمة ومجاهد وقتادة، وهذه واحدة من الآيات الأربع المذكورة فى الحديث التى أصيب بها كفار قريش (والثانية الدخان) على تفسير ابن مسعود قال تعالى {فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم} قال ابن مسعود ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما دعى قريشا (يعنى الى الاسلام) كذبوه واستعصوا عليه فقال اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف فأصابتهم سنة حصت كل شئ (أي أذهبت

الصفحة 232