كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 18)

-[قوله تعالى {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} وفيه منقبة لأنس بن النضر]-
(باب من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه الآية)
(عن ثابت) (1) قال انس (2) عمىِّ قال هاشم (3) أنس بن النضر سميت به لم 380 يشهد مع النبى (صلى الله عليه وسلم) يوم بدر قال فشق عليه وقال فى اول مشهد شهده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غبت عنه (4) لئن ارانى الله مشهدا فيما بعد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليرين (5) الله ما اصنع قال فهاب ان يقول غيرها (6) قال فشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد قال فاستقبل سعد بن معاذ قال فقال له انس يا أبا عمرو (7) أين؟ واهًا لريح الجنة (8) اجده دون احد: قال فقاتلهم حتى قتل فوجد فى جسده بضع وثمانون من ضربة وطعنة ورمية فقالت أخته عمتى الرُّبيِّع بنت النضر فما عرفت اخى الا ببنانه (9) ونزلت هذه الآية {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه (10)} فمنهم من قضى نحبه
__________
الأخوة في الدين والولاية فيه {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} أى قبل النهى فنسبتموه الى غير أبيه {ولكن ما تعمدت قلوبكم} اى من دعائهم الى غير آبائهم بعد النهى، وقيل فيما أخطأتم به أن تدعوه الى غير أبيه وهو يظن أنه كذلك {وكان الله غفورًا رحيمًا} لا يؤاخذكم بالخطأ ويقبل التوبة من المتعمد (تخريجه) (ق مذ نس وغيرهم) (باب) (1) (سنده) حدّثنا بهز وحدثنا هاشم قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت الخ (غريبه) (2) هو ابن مالك خادم النبى (صلى الله عليه وسلم) (3) هاشم هو أحد الراويين الذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث، والثانى بهز فقال هاشم فى روايته قال أنس عمى أنس بن النضر سميت به لم يشهد الخ فذكر اسم عم أنس، أما بهز فقال فى روايته قال أنس عمى سميت به لم يشهد الخ فلم يذكر اسم عم أنس (ولفظ عمى) مبتدأ وخبره لم يشهد بدرًا وقوله (سميت به) جملة معترضة (4) يعنى غزوة بدر لأنها أول غزوة خرج فيها النبى (صلى الله عليه وسلم) بنفسه مقاتلا، وقد تقدمها غيرها لكن ما خرج فيها (صلى الله عليه وسلم) بنفسه مقاتلًا (5) النووى ضبطوه بوجهين أحدهما ليرين بفتح الياء والمراد أى يراه الله واقعًا بارزًا، والثانى ليرين بضم الياء وكسر الراء ومعناه ايرين الله الناس ما أصنعه ويبرزه الله تعالى لهم (وقوله ما أصنع) مفعول لقوله ليرين، ومراده أن يبالغ فى القتال ولو زهقت روحه (6) معناه قال أنس بن مالك فهاب أنس بن النضر أن يقول غير هذه الكلمة وذلك على سبيل الأدب منه والخوف لئلا يعرض له عارض فلا يفى بما يقول فيصير كمن وعد فأخلف (7) كنية سعد بن معاذ (أين؟) أى أين تذهب ولم ينتظر جواب سعد بن معاذ لشدة اشتياقه الى القتال (8) قال فى القاموس واهاله وبترك تنوينه كلمة تعجب من طيب كل شئ وكلمة تلهف اهـ وفى رواية للبخارى فقال يا سعد انى أجد ريح الجنة دون أحد، قال الحافظ يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة بأن يكون شم رائحة طيبة زائدة عما يعهد فعرف أنها ريح الجنة، ويحتمل أن يكون أطلق ذلك باعتبار ما عنده من اليقين حتى كأن الغائب عنه صار محبوسًا عنده، والمعنى أن الموضع الذى قاتل فيه يؤول بصاحبه الى الجنة (9) بفتح الباء الموحدة والنون جمع بنانة وهى الأصبع، وقيل طرفها (10) (التفسير) {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} المراد بالمعاهدة المذكورة ما تقدم ذكره من قوله تعالى {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار} وكان ذلك أول ما خرجوا الى أحد وهو قول ابن اسحاق، وقيل ما وقع ليلة العقبة من الأنصار إذ بايعوا النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يؤووه وينصروه ويمنعوه والأول أقرب {فمنهم من قضى نحبه} أى مات أو قتل فى سبيل الله، وأصل النحب النذر، فلما كان كل حبى لابد له من الموت فكأنه نذر لازم له، فاذا مات فقد قضاه، والمراد هنا من مات على عهده لمقابلته بمن ينتظر

الصفحة 235